وقال ابن الجوزى :
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا (٦١) ﴾
قوله تعالى :﴿ آسْجُدُ ﴾ قرأه الكوفيون : بهمزتين.
وقرأه الباقون : بهمزة مطوَّلة ؛ وهذا استفهام إِنكار، يعني به : لم أكن لأفعل.
قوله تعالى :﴿ لمن خلقتَ طيناً ﴾ قال الزجاج :"طيناً" منصوب على وجهين.
أحدهما : التمييز، المعنى : لمن خلقتَه من طين.
والثاني : على الحال، المعنى : أنشأتَه في حال كونه من طين.
ولفظ ﴿ قال أرأيتَك ﴾ جاء هاهنا بغير حرف عطف، لأن المعنى : قال آسجد لمن خلقتَ طيناً، وأرأيتَكَ، وهي في معنى : أخبرني، والكاف ذُكرت في المخاطبة توكيداً، والجواب محذوف، والمعنى : أَخبِرني عن هذا الذي كرَّمت عليَّ، لم كرَّمتَهُ عليَّ وقد خلقتَني من نار وخلقتَه من طين؟! فحذف هذا، لأن في الكلام دليلاً عليه.
قوله تعالى :﴿ لئن أَخَّرْتَنِ إِلى يوم القيامة ﴾ قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمر :"أخرتني" بياء في الوصل.
ووقف ابن كثير بالياء.
وقرأ ابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي، بغير ياء في وصل ولا في وقف.
قوله تعالى :﴿ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِيَّتَهُ ﴾ فيه ثلاثة أقوال.
أحدها : لأَستولِيَنَّ عليهم، قاله ابن عباس، والفراء.
والثاني : لأُضِلَّنَّهم، قاله ابن زيد.
والثالث : لأَستأصلنَّهم ؛ يقال : احْتَنَكَ الجرادُ ما على الأرض : إِذا أكله ؛ واحْتَنَكَ فلانٌ ما عند فلان من العلم : إِذا استقصاه، فالمعنى : لأَقودنَّهم كيف شئتُ، هذا قول ابن قتيبة.
فإن قيل : من أين عَلِمَ الغيب.
فقد أجبنا عنه في سورة [ النساء : ١١٩ ].
قوله تعالى :﴿ إِلا قليلاً ﴾ قال ابن عباس : هم أولياء الله الذين عصمهم.
قوله تعالى :﴿ قال اذهب ﴾ هذا اللفظ يتضمن إِنظاره ؛ ﴿ فمن تبعك ﴾، أي : تبع أمرك منهم، يعني : ذرية آدم.
والموفور : الموفَّر.


الصفحة التالية
Icon