﴿ إَلاَّ قَلِيلاً ﴾ يعني المعصومين، وهم الذين ذكرهم الله في قوله :﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ ﴾ وإنما قال إبليس ذلك ظنا، كما قال الله تعالى :﴿ وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ ﴾ أو علم من طبع البشر تركّب الشهوة فيهم، أو بنى على قول الملائكة :﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ﴾.
وقال الحسن : ظن ذلك لأنه وسوس إلى آدم عليه السلام فلم يجد له عَزْماً.
قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا (٦٣)
قوله تعالى :﴿ قَالَ اذهب ﴾ هذا أمر إهانة، أي اجهد جهدك فقد أنظرناك.
﴿ فَمَن تَبِعَكَ ﴾ أي أطاعك من ذرية آدم.
﴿ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَآؤُكُمْ جَزَاءً مَّوْفُوراً ﴾ أي وافراً، عن مجاهد وغيره.
وهو نصب على المصدر، يقال : وفَرته أفِرُه وَفْراً، ووَفَر المالُ بنفسه يَفِر وفوراً فهو وافر، فهو لازم ومتعدّ.
﴿ وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ﴾
فيه ست مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ واستفزز ﴾ أي استزلّ واستخفّ، وأصله القطع، ومنه تفزّز الثوب إذا انقطع.
والمعنى استزِلّه بقطعك إياه عن الحق.
واستفزّه الخوف أي استخفه.
وقعد مُسْتَوْفِزاً أي غير مطمئن.
"واستفزز" أمر تعجيز، أي أنت لا تقدر على إضلال أحد، وليس لك على أحد سلطان فافعل ما شئت.
الثانية : قوله تعالى :﴿ بِصَوْتِكَ ﴾ وصوتُه كلُّ داع يدعو إلى معصية الله تعالى، عن ابن عباس.
مجاهد : الغناء والمزامير واللهو.
الضحاك : صوت المزمار.
وكان آدم عليه السلام أسكن أولاد هابيل أعلى الجبل، وولد قابيل أسفله، وفيهم بنات حسان، فزَمَر اللعين فلم يتمالكوا أن انحدروا فزَنَوا، ذكره الغزنوِيّ.


الصفحة التالية
Icon