وقول خامس روي عن مجاهد قال : إذا جامع الرجل ولم يُسَمِّ انطوى الجانّ على إحْلِيله فجامع معه، فذلك قوله تعالى :﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلاَ جَآنٌّ ﴾ وسيأتي.
" وروي من حديث عائشة قالت قال رسول الله ﷺ : إن فيكم مُغَرِّبين قلت : يا رسول الله، وما المغرّبون؟ قال : الذين يشترك فيهم الجن "
رواه الترمذي الحكيم في ( نوادر الأصول ).
قال الهَرَوِيّ : سموا مغرِّبين لأنه دخل فيهم عرق غريب.
قال الترمذي الحكيم : فللجن مساماة بابن آدم في الأمور والاختلاط، فمنهم من يتزوّج فيهم، وكانت بِلْقِيس ملكة سَبَأ أحد أبويها من الجن.
وسيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.
الخامسة : قوله تعالى :﴿ وَعِدْهُمْ ﴾ أي مَنّهم الأماني الكاذبة، وأنه لا قيامة ولا حساب، وأنه إن كان حساب وجنة ونار فأنتم أوْلى بالجنة من غيركم.
يقوّيه قوله تعالى :﴿ يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمْ الشيطان إِلاَّ غُرُوراً ﴾ [ النساء : ١٢٠ ] أي باطلاً.
وقيل "وَعدْهُمْ" أي عِدهم النُّصرة على من أرادهم بسوء.
وهذا الأمر للشيطان تهدّد ووعيد له.
وقيل : استخفاف به وبمن اتبعه.
السادسة : في الآية ما يدلّ على تحريم المزامير والغناء واللّهو، لقوله :﴿ واستفزز مَنِ استطعت مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم ﴾ على قول مجاهد.
وما كان من صوت الشيطان أو فعلِه وما يستحسنه فواجب التنزه عنه.
وروى نافع عن ابن عمر أنه سمع صوت زمّارة فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول : يا نافع! أتسمع؟ فأقول نعم، فمضى حتى قلت له لا، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال : رأيتُ رسول الله ﷺ سمع ( صوت ) زمّارة راع فصنع مثل هذا.
قال علماؤنا : إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم.
وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة "لقمان" إن شاء الله تعالى.


الصفحة التالية
Icon