ولما كانت " إن " مخففة من الثقيلة أتى باللام الفارقة بينها وبين النافية فقال تعالى :﴿ليفتنونك﴾ أي ليخالطونك مخالطة تمليك إلى جهة قصدهم بكثرة خداعهم بإطماعهم لك في الموافقة لما يعلمون من ظاهر الحياة الدنيا ﴿عن الذي أوحينا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿إليك﴾ من الحكمة ﴿لتفتري﴾ أي تقطع متعمداً ﴿علينا﴾ على عظمتنا ﴿غيره﴾ من طرد من أوحينا إليك الأمر بمصابرتهم، إطماعاً منهم في إسلام من هو بحيث يرجى إسلامه إسلام الجم الغفير منهم لشرفه ونحو ذلك مما عناه الله سبحانه وهو أعلم بمراده ؛ قال الرماني : وأصل الفتنة ما يطلب به خلاص الشيء مما لابسه ﴿وإذا﴾ أي لو ملت إليهم ﴿لاتخذوك﴾ أي بغاية الرغبة ﴿خليلاً﴾ ومن كان خليل الكفار لم يكن خليل الله، ولكنك أبصرت رشدك فلزمت أمر الله، واستمروا على عماهم إتماماً لتفضيلنا لك على كل مخلوق، وقد تقدم قريباً ما تدور عليه مادة " فرا " وأنه السعة، وقد بقي من تقاليبها اليائي والمهموز، فمعنى فريت الأديم : شققته فاسداً أو صالحاً - لأنه يتسع بذلك، وقال القزاز : الفري مصدر فريت الأديم - إذا شققته للإصلاح، وأفريته - إذا شققته للإفساد - كأن همزته للإزالة، وحكى أبو عبيدة : فريت الشيء وأفريته : قطعته، وفرى الكذب وافتراه : اختلقه - لأنه اتساع في القول وزيادة على ما يكفي من الصدق وتجاوز للحد، وفرى المزادة : خلقها وصنعها، وقال القزاز : خرزها - لأنها تسع ما لا تسعه قبل الخرز، قال : وأصل الفري الشق - يعني : والخرز واقع في الشق، فالعلاقة المحل، وفرى الأرض : سارها وقطعها - تشبيهاً لها بالأديم، وفرى - كرضي : تحير ودهش - من التسمية باسم السبب، لأن سبب الدهش كثرة وعظم في المحسوس، وأفراه، أصلحه أو أمر بإصلاحه - لأن الإصلاح سعة بالنسبة إلى الإفساد، وأفرى فلاناً : لامه - لأنه يلزم منه الزيادة في الكلام لما يحاج به الملوم، والفرية : الجلبة - لأنها زيادة عن الكلام


الصفحة التالية
Icon