فلزم القول بأن الإنسان ليس أفضل من الملائكة بل الملك أفضل من الإنسان، وهذا القول مذهب ابن عباس واختيار الزجاج على ما رواه الواحدي في البسيط.
واعلم أن هذا الكلام مشتمل على بحثين :
البحث الأول : أن الأنبياء عليهم السلام أفضل أم الملائكة ؟ وقد سبق ذكر هذه المسألة بالاستقصاء في سورة البقرة في تفسير قوله تعالى :﴿وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لآدَمَ﴾ [ البقرة : ٣٤ ].
والبحث الثاني : أن عوام الملائكة وعوام المؤمنين أيهما أفضل ؟ منهم من قال بتفضيل المؤمنين على الملائكة.
واحتجوا عليه بما روي عن زيد بن أسلم أنه قال : قالت الملائكة ربنا إنك أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويتنعمون ولم تعطنا ذلك فأعطنا ذاك في الآخرة، فقال : وعزتي وجلالي لا أجعل ذرية من خلقت بيدي كما قلت له ﴿كُنَّ﴾ فكان.
وقال أبو هريرة رضي الله عنه : المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده.
هكذا أورده الواحدي في "البسيط"، وأما القائلون بأن الملك أفضل من البشر على الإطلاق فقد عولوا على هذه الآية، وهو في الحقيقة تمسك بدليل الخطاب لأن تقرير الدليل أن يقال : إن تخصيص الكثير بالذكر يدل على أن الحال في القليل بالضد، وذلك تمسك بدليل الخطاب، والله أعلم.
﴿ يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولَئِكَ يَقْرَءُونَ كِتَابَهُمْ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (٧١) ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر أنواع كرامات الإنسان في الدنيا ذكر أحوال درجاته في الآخرة في هذه الآية وفيها مسائل :
المسألة الأولى :
قرىء ﴿يدعو﴾ بالياء والنون و ﴿يدعى كل أناس﴾ على البناء للمفعول وقرأ الحسن ﴿يدعو كل أناس﴾ قال الفراء وأهل العربية لا يعرفون وجهاً لهذه القراءة المنقولة عن الحسن ولعله قرأ ﴿يدعى﴾ بفتحة ممزوجة بالضم فظن الراوي أنه قرأ ﴿يدعو ﴾.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon