وسأل نافع بن الأزرق ابن عباس ما الغسق : قال دخول الليل بظلمته، وقال الأزهري : غسق الليل عند غيبوبة الشفق عند تراكم الظلمة واشتدادها، يقال : غسقت العين إذا امتلأت دمعاً، وغسقت الجراحة إذا امتلأت دماً، قال لأنا لو حملنا الغسق على هذا المعنى دخلت الصلوات الأربع فيه وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء، ولو حملنا الغسق على ظهور أول الظلمة لم يدخل فيه إلا الظهر والمغرب فوجب أن يكون الأول أولى، واعلم أنه يتفرع على هذين القولين بحث شريف فإن فسرنا الغسق بظهور أول الظلمة كان الغسق عبارة عن أول المغرب وعلى هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات وقت الزوال ووقت أول المغرب ووقت الفجر وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتاً للظهر والعصر فيكون هذا الوقت مشتركاً بين هاتين الصلاتين وأن يكون أول المغرب وقتاً للمغرب والعشاء فيكون هذا الوقت مشتركاً أيضاً بين هاتين الصلاتين فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء مطلقاً إلا أنه دل الدليل على أن الجمع في الحضر من غير عذر ولا يجوز فوجب أن يكون الجمع جائزاً بعذر السفر وعذر المطر وغيره، أما إن فسرنا الغسق بالظلمة المتراكمة فنقول الظلمة المتراكمة إنما تحصل عند غيبوبة الشفق الأبيض وكلمة إلى لانتهاء الغاية والحكم الممدود إلى غاية يكون مشروعاً قبل حصول تلك الغاية فوجب جواز إقامة الصلوات كلها قبل غيبوبة الشفق الأبيض وهذا إنما يصح إذا قلنا إنها تجب عند غيبوبة الشفق الأحمر، والله أعلم.
المسألة الخامسة :
قوله ﴿وقرآن الفجر﴾ أجمعوا على أن المراد منه صلاة الصبح وانتصابه بالعطف على الصلاة في قوله أقم الصلاة والتقدير أقم الصلاة وأقم قرآن الفجر وفيه فوائد.
الأولى : أن هذه الآية تدل على أن الصلاة لا تتم إلا بالقراءة.