﴿يَوْمَ يَقُومُ الروح والملائكة صَفّاً﴾ [ النبأ : ٣٨ ] ونقلوا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال : هو ملك له سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف وجه، لكل وجه سبعون ألف لسان، لكل لسان سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات كلها ويخلق الله من كل تسبيحة ملكاً يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة قالوا ولم يخلق الله تعالى خلقاً أعظم من الروح غير العرش ولو شاء أن يبتلع السموات السبع والأرضين السبع ومن فيهن بلقمة واحدة لفعل، ولقائل أن يقول هذا القول ضعيف وبيانه من وجوه.
الأول : أن هذا التفصيل لما عرفه علي، فالنبي أولى أن يكون قد عرفه فلم لم يخبرهم به، وأيضاً أن علياً ما كان ينزل عليه الوحي، فهذا التفصيل ما عرفه إلا من النبي ﷺ فلم ذكر النبي ﷺ ذلك الشرح والبيان لعلي ولم يذكره لغيره.
الثاني : أن ذلك الملك إن كان حيواناً واحداً وعاقلاً واحداً لم يكن في تكثير تلك اللغات فائدة وإن كان المتكلم بكل واحدة من تلك اللغات حيواناً آخر لم يكن ذلك ملكاً واحداً بل يكون ذلك مجموع ملائكة.
والثالث : أن هذا شيء مجهول الوجود فكيف يسأل عنه، أما الروح الذي هو سبب الحياة فهو شيء تتوفر دواعي العقلاء على معرفته فصرف هذا السؤال إليه أولى.
والقول الرابع : وهو قول الحسن وقتادة أن هذا الروح جبريل والدليل عليه أنه تعالى سمى جبريل بالروح في قوله :﴿نَزَلَ بِهِ الروح الأمين على قَلْبِكَ﴾ [ الشعراء : ١٩٣، ١٩٤ ] وفي قوله :﴿فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا﴾ [ مريم : ١٧ ] ويؤكد هذا أنه تعالى قال :﴿قُلِ الروح مِنْ أَمْرِ رَبّى﴾ ( في جبريل ) وقال ( حكاية عن ) جبريل :﴿وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلاَّ بِأَمْرِ رَبّكَ﴾ [ مريم : ٦٤ ] فسألوا الرسول كيف جبريل في نفسه وكيف قيامه بتبليغ الوحي إليه.


الصفحة التالية
Icon