المسألة الثانية :
قوله :﴿لَّوْ أَنتُمْ﴾ فيه بحث يتعلق بالنحو وبحث آخر يتعلق بعلم البيان، أما البحث النحوي : فهو أن كلمة " لو " من شأنها أن تختص بالفعل لأن كلمة " لو " تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره والاسم يدل على الذوات والفعل هو الذي يدل على الآثار والأحوال والمنتفى هو الأحوال والآثار لا الذوات فثبت أن كلمة " لو " مختصة بالأفعال وأنشدوا قول المتلمس :
لو غير أخوالي أرادوا نقيصتي.. نصبت لهم فوق العرانين مأتما
والمعنى لو أراد غير أخوالي وأما البحث المتعلق بعلم البيان فهو أن التقديم بالذكر يدل على التخصيص فقوله :﴿أَنتُمْ تَمْلِكُونَ﴾ دلالة على أنهم هم المختصون بهذه الحالة الخسيسة والشح الكامل.
المسألة الثالثة :
خزائن فضل الله ورحمته غير متناهية فكان المعنى أنكم لو ملكتم من الخير والنعم خزائن لا نهاية لها لبقيتم على الشح وهذا مبالغة عظيمة في وصفهم بهذا الشيء ثم قال تعالى :﴿وَكَانَ الإنسان قَتُورًا﴾ أي بخيلاً يقال قتر يقتر قتراً وأقتر إقتاراً وقتر تقتيراً إذا قصر في الإنفاق فإن قيل فقد دخل في الإنسان الجواد الكريم فالجواب من وجوه.
الأول : أن الأصل في الإنسان البخل لأنه خلق محتاجاً والمحتاج لا بد أن يحب ما به يدفع الحاجة وأن يمسكه لنفسه إلا أنه قد يجود به لأسباب من خارج فثبت أن الأصل في الإنسان البخل.
الثاني : أن الإنسان إنما يبذل لطلب الثناء والحمد وللخروج عن عهدة الواجب فهو في الحقيقة ما أنفق إلا ليأخذ العوض فهو في الحقيقة بخيل.
الثالث : إن المراد بهذا الإنسان المعهود السابق : وهم الذين قالوا ﴿لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا﴾ [ الإسراء : ٩٠ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢١ صـ ٥١ ـ ٥٣﴾


الصفحة التالية
Icon