نعم قد يختم على أفواههم في البين، وقيل هو على المجاز على معنى أنهم لفرط الحيرة والذهول يشبهون أصحاب هذه الصفات أو على معنى أنهم لا يرون شيئاً يسرهم ولا يسمعون كذلك ولا ينقطون بحجة كما أنهم كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق ولا يسمعونه وأخرج ذلك ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وروى أيضاً عن الحسن فنزل ما يقولونه ويسمعونه ويبصرونه منزلة العدم لعدم الانتفاع به، ولا يعكر عليه أن بعض الآيات يدل على سلب بعض القوى عنهم لاختلاف الأوقات، وقيل عمياً عن النظر إلى ما جعل الله تعالى لأوليائه بكما عن الكلام معه سبحانه صماً عما مدح الله تعالى به أولياءه، وقيل : يحصل لهم ذلك حقيقة بعدو قوله تعالى لهم
﴿ اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ ﴾ [ المؤمنون : ١٠٨ ] وعلى هذا تكون الأحوال مقدرة كقوله تعالى :﴿ مَأْوَاهُمُ ﴾ أي مستقرهم ﴿ جَهَنَّمَ ﴾ على تقدير جعله حالاً ويحتمل أن يكون استئنافاً، وقوله سبحانه :﴿ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا ﴾ يحتمل أيضاً الاستئناف ويحتمل أن يكون حالاً من جهنم كما قال أبو البقاء، وجعل العامل في الحال معنى المأوى، وقال الطبرسي : هو حال منها لأنها توضع متلظ ومتسعر ولولا ذلك ما جعل حالاً منها.
وجوز جعله حالاً مما جعلت الجملة الأولى منه لكن بعد اعتبارها في النظم والرابط الضمير المنصوب في ﴿ زِدْنَاهُمْ ﴾ وهو كما ترى والاستئناف أقل مؤنة، والخبو وكذا الخبو بضمتين وتشديد وهما مصدراً خبت النار سكون اللهب قال في "البحر" يقال خبت النار تخبو إذا سكن لهبها وخمدت إذا سكن جمرها وضعف وهمدت إذا طفئت جملة، وقال الراغب : خبت النار سكن لهبها وصار عليها خباء من رماد أي غشاء، وفي "القاموس" تفيسر خبت بسكنت وطفئت وتفسير طفئت بذهب لهبها وفيه مخالفة لما في البحر والأكثرون على ما فيه.


الصفحة التالية
Icon