وكذا على ما بعد أن المصدرية لفظاً ومعنى والمعنى كما في "الكشف" وغيره قد علموا بدليل العقل أن الله تعالى قادر على إعادتهم وقد جعل أجلاً لها لا ريب فيه فلا بد منها أي إذا كان ذلك ممكناً في نفسه واجب الوقوع بخبر الصادق لا يبقى للإنكار معنى فإن كان الأجل بمعنى ميقات إعادتهم أي يوم القيامة لقولهم ﴿ أَءذَا كُنَّا عظاما ورفاتا ﴾ [ الإسراء : ٩٨ ] وهو الظاهر فهو واضح، وإن كان بمعنى الموت فوجهه أنهم قد علموا إمكانه وأنهم ميتون لا محالة منسلخون من هذه الحياة وأنه لا بد لهم من جزاء فلم يخلقوا عبثاً ولم يتركوا سدى ففيم الإنكار، وكأنه قد اكتفى بالموت عما بعده لأنه أول القيامة ومن مات فقد قامت قيامته فالعطف في التقدير على قد علموا، ويعلم من هذا التقرير أن الجامع بين الجملتين لصحة العطف في غاية القوة.
وزعم القطب أن الأولى العطف على ما بعد أن المصدرية أما أولاً فلأنه أقرب، وأما ثانياً فلأن جعل الأجل يدخل حينئذٍ تحت قدرته تعالى وتحت علمهم بخلاف ما إذا عطف على قوله سبحانه :﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْاْ ﴾ الخ ولا يخفى ما فيه على من استدارت كرة فكره على محور التحقيق ﴿ فأبى الظالمون ﴾ الذين كفروا بالآيات وقالوا ما قالوا، ووضع الظاهر موضع ضميرهم تسجيلاً عليهم بالظلم وتجاوز الحد بالمرة ﴿ إِلاَّ كُفُورًا ﴾ أي جحوداً.
﴿ قُل لَّوْ أَنتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبّى إِذًا لأمْسَكْتُمْ ﴾
أي خزائن نعمه التي أفاضها على كافة الموجودات فالرحمة مجاز عن النعم والخزائن استعارة تحقيقية أو تخييلية، و﴿ أَنتُمْ ﴾ على ما ذهب إليه الحوفي.
والزمخشري.
وأبو البقاء.
وابن عطية وغيرهم فاعل لفعل محذوف يفسره المذكور لأن لو يمتنع أن يليها الاسم والأصل لو تملكون تملكون فلما حذف الفعل انفصل الضمير، ومثل ذلك قول حاتم وقد أسر فلطمته جارية لو ذات سوار لطمتني، وقول الملتمس :
ولو غير أخوالي أرادوا نقيصتي...


الصفحة التالية
Icon