وقال أبو حيان : المناسب في وجه الارتباط أن يقال : إنه عليه الصلاة والسلام قد منحه الله تعالى ما لم يمنحه لأحد من النبوة والرسالة إلى الإنس والجن فهو ﷺ أحرص الناس على إيصال الخير إليهم وإنقاذهم من الضلال يثابر على ذلك ويخاطر بنفسه في دعائهم إلى الله تعالى ويعرض ذلك على القبائل وأحياء العرب سمحاً بذلك لا يطلب منهم أجراً وهؤلاء أقرباؤه لا يكاد يجيب منهم أحد إلا الواحد بعد الواحد قد لجوا في عناده وبغضائه فلا يصل منهم إليه إلا الأذى فنبه تعالى شأنه بهذه الآية على سماحته عليه الصلاة والسلام وبذل ما آتاه الله تعالى وعلى امتناع هؤلاء أن يصل منهم شيء من الخير إليه ﷺ فهي قد جاءت مبنية تباين ما بينه عليه الصلاة والسلام وبينهم من حرصه على نفعهم وعدم إيصال شيء من الخير منهم إليه اه.
فالارتباط بين الآية وبين مجموع الآيات السابقة من حيث أنها تشعر بحرصه ﷺ على هدايتهم ولعمري إن هذا مما يأباه الذوق السليم والذهن المستقيم.
ويحتمل أن يكون وجه الارتباط اشتمالها على ذمهم بالشح المفرط كما أن ما قبلها مشتمل على ذمهم بالكفر كذلك وهما صفتان سيئتان ضرر إحداهما قاصر وضرر الأخرى متعد فتأمل فلمسلك الذهن اتساع والله تعالى أعلم بمراده. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ١٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon