وقال القاسمى :
﴿ وَمَن يَهْدِ اللّهُ ﴾
أي : إلى الحق بما جاء من قبله إلى الهدى :﴿ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ ﴾ أي : يخلق فيه الضلال بسوء اختياره، كهؤلاء المعاندين :﴿ فَلَن تَجِدَ لَهُمْ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِهِ ﴾ أي : أنصاراً يهدونهم ويحفظونهم من قهره، وإنما أوثر ضمير الجماعة في ( لهم ) حملاً على معنى ( من ) وأوثر في ما قبله الإفراد، حملاً على اللفظ. وسر الاختلاف في المتقابلين الإشارة إلى وحدة طريق الحق، وقلة سالكيه، وتعدد سبل الضلال وكثرة الضُّلالِ :﴿ وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴾ أي : يسحبون عليها كقوله :﴿ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ﴾ [ القمر : ٤٨ ].
وقال القاشاني : أي : ناكسي الرؤوس لانجذابهم إلى الجهة السفلية ! وعلى وجوداتهم وذواتهم التي كانوا عليها في الدنيا. كقوله ( كما تعيشون تموتون وكما تموتون تبعثون ) إذ ( الوجه ) يعبر به عن الذات الموجودة مع جميع عوارضها ولوازمها. أي : على الحالة الأولى من غير زيادة ونقصان. وقوله تعالى :﴿ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمّاً ﴾ أي : كما كانوا في الدنيا لا يستبصرون ولا ينطقون بالحق، ويتصامّون عن استماعه ؛ فهم في الآخرة كذلك لا يبصرون ما يقر أعينهم، ولا يسمعون ما يلذ مسامعهم، ولا ينطقون بما يقبل منهم :﴿ وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمَى ﴾ [ الإسراء : ٧٢ ]. كذا في " الكشاف ".