البحث الأول : فيه وجوه : الوجه الأول : أنه اعتراض دخل في الكلام والتقدير : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات إذ جاء بني إسرائيل فاسألهم وعلى هذا التقدير فليس المطلوب من سؤال بني إسرائيل أن يستفيد هذا العلم منهم بل المقصود أن يظهر لعامة اليهود وعلمائهم صدق ما ذكره الرسول فيكون هذا السؤال سؤال استشهاد.
والوجه الثاني : أن يكون قوله ﴿فاسأل بني إسرائيل﴾ أي سلهم عن فرعون.
وقل له أرسل معي بني إسرائيل.
والوجه الثالث : سل بني إسرائيل أي سلهم أن يوافقوك والتمس منهم الإيمان الصالح.
وعلى هذا التأويل فالتقدير فقلنا له سلهم أن يعاضدوك وتكون قلوبهم وأيديهم معك.
البحث الثاني : أمر رسول الله ﷺ بأن يسأل بني إسرائيل معناه الذين كانوا موجودين في زمان النبي ﷺ والذين جاءهم موسى عليه الصلاة والسلام هم الذين كانوا في زمانه إلا أن الذين كانوا في زمان محمد ﷺ لما كانوا أولاد أولئك الذين كانوا في زمان موسى حسنت هذه الكناية.
ثم أخبر تعالى أن فرعون قال لموسى :﴿إِنّى لأَظُنُّكَ ياموسى مَّسْحُورًا﴾ وفي لفظ المسحور وجوه.
الأول : قال الفراء : إنه بمعنى الساحر كالمشؤوم والميمون وذكرنا هذا في قوله :﴿حِجَابًا مَّسْتُورًا﴾ [ الإسراء : ٤٥ ] أنه مفعول من السحر أي أن الناس سحروك وخبلوك فتقول هذه الكلمات لهذا السبب.
الثالث : قال محمد بن جرير الطبري معناه أعطيت علم السحر، فهذه العجائب التي تأتي بها من ذلك السحر ثم أجابه موسى عليه الصلاة والسلام بقوله :﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء إِلاَّ رَبُّ السموات والأرض﴾ وفيه مباحث :


الصفحة التالية
Icon