" هن أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرفوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان ليقتله، ولا تسحروا، ولا تأكلوا الربا، ولا تقذفوا المحصنة، ولا تفروا يوم الزحف، وعليكم خاصة يهود أن لا تعدوا في السبت "، وقرأ الجمهور " فاسأل بني إسرائيل " وروي عن الكسائي " فسل " على لغة من قال سأل يسأل، وهذا كله على معنى الأمر لمحمد ﷺ، أي اسأل معاصريك عما أعلمناك به من غيب القصة، ثم قال ﴿ إذ جاءهم ﴾ يريد آباءهم، وأدخلهم في الضمير إذ هم منهم، ويحتمل أن يريد ﴿ فاسأل بني إسرائيل ﴾ الأولين الذين جاءهم موسى وتكون إحالته إياه على سؤالهم بطلب إخبارهم والنظر في أحوالهم وما في كتبهم نحو قوله تعالى :﴿ واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا ﴾ [ الزخرف : ٤٥ ] وهذا كما تقول لمن تعظه : سل الأمم الخالية هل بقي منها مخلد؟ ونحو هذا مما يجعل النظر فيه مكان السؤال، قال الحسن : سؤالك نظرك في القرآن وقرأ ابن عباس " فسأل بني إسرائيل " أي فسأل موسى فرعون بني إسرائيل أي طلبهم لينجيهم من العذاب، وقوله ﴿ مسحوراً ﴾ اختلف فيه المتأولون، فقالت فرقة هو مفعول على بابه، أي إنك قد سحرت، فكلامك مختل، وما تأتي به غير مستقيم، وقال الطبري : هو مفعول بمعنى فاعل كما قال ﴿ حجاباً مستوراً ﴾ [ الإسراء : ٤٥ ] وكما قالوا مشؤوم وميمون وإنما هو شايم ويامن.
قال القاضي أبو محمد : وهذا لا يتخرج إلى على النسب أي ذا سحر ملكته وعلمته، فأنت تأتي بهذه الغرائب لذلك، وهذه مخاطبة تنقص، فيستقيم أن يكون ﴿ مسحوراً ﴾ مفعولاً على ظاهره، وعلى أن يكون بمعنى ساحر يعارضنا ما حكي عنهم أنهم قالوا له على جهة المدح ﴿ يا أيها الساحر ادع لنا ربك ﴾ [ الزخرف : ٤٩ ] فإما أن يكون القائلون هنالك ليس فيهم فرعون وإما أن يكون فيهم لكنه تنقل من تنقصه إلى تعظيمه، وفي هذا نظر.


الصفحة التالية
Icon