وقال أبو حيان :
﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾
ولما حكى الله تعالى عن قريش ما حكى من تعنتهم في اقتراحهم وعنادهم للرسول ( ﷺ ) سلاه تعالى بما جرى لموسى مع فرعون ومع قومه من قولهم ﴿ أرنا الله جهرة ﴾ إذ قالت قريش ﴿ أو تأتي بالله ﴾ وقالت ﴿ أو نرى ربنا ﴾ وسكن قلبه ونبه على أن عاقبتهم للدمار والهلاك كما جرى لفرعون إذ أهلكه الله ومن معه.
و﴿ تسع آيات ﴾ قال ابن عباس وجماعة من الصحابة : هي اليد البيضاء، والعصا، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم هذه سبع باتفاق، وأما الثنتان فعن ابن عباس لسانه كان به عقد فحلها الله، والبحر الذي فلق له.
وعنه أيضاً البحر والجبل الذي نتق عليهم.
وعنه أيضاً السنون ونقص من الثمرات وقاله مجاهد والشعبي وعكرمة وقتادة.
وقال الحسن : السنون ونقص الثمرات آية واحدة، وعن الحسن ووهب البحر والموت أرسل عليهم.
وعن ابن جبير الحجر والبحر.
وعن محمد بن كعب : البحر والسنون.
وقيل :﴿ تسع آيات ﴾ هي من الكتاب، وذلك أن يهودياً قال لصاحبه : تعالى حتى نسأل هذا النبيّ فقال الآخر لا تقل إنه نبيّ فإنه لو سمع كلامك صارت له أربعة أعين، فأتياه وسألاه عن ﴿ تسع آيات بينات ﴾ فقال : لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تأكلوا الربا، ولا تمشوا ببريء إلى سلطان ليقتله، ولا تسخروا، ولا تقذفوا المحصنات، ولا تفروا من الزحف، وعليكم خاصة يهود أن لا تعتدوا في السبت، قال : فقبلا يده وقالا : نشهد أنك نبيّ فقال : ما منعكما أن تسلما؟ قالا : إن داود دعا الله أن لا يزال في ذريته نبيّ وإنّا نخاف إن أسلمنا تقتلنا اليهود.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.
وقرأ الجمهور : فسل ﴿ بني إسرائيل ﴾ وبنو إسرائيل معاصروه، وفسل معمول لقول محذوف أي فقلنا سل، والظاهر أنه خطاب للرسول محمد ( ﷺ ) أمره أن يسألهم عما أعلمه به من غيب القصة.