وروي عن عليّ أنه قال : ما علم عدوّ الله قط وإنما علم موسى، وهذا القول عن عليّ لا يصح لأنه رواه كلثوم المرادي وهو مجهول، وكيف يصح هذا القول وقراءة الجماعة بالفتح على خطاب فرعون.
و﴿ ما أنزل ﴾ جملة في موضع نصب علق عنها ﴿ علمت ﴾.
ومعنى ﴿ بصائر ﴾ دلالات على وحدانية الله وصدق رسوله والإشارة بهؤلاء إلى الآيات التسع.
وانتصب ﴿ بصائر ﴾ على الحال في قول ابن عطية والحوفي وأبي البقاء، وقالا : حال من ﴿ هؤلاء ﴾ وهذا لا يصح إلاّ على مذهب الكسائي والأخفش لأنهما يجيزان ما ضرب هنداً هذا إلاّ زيد ضاحكة.
ومذهب الجمهور أنه لا يجوز فإن ورد ما ظاهره ذلك أول على إضمار فعل يدل عليه ما قبله التقدير ضربها ضاحكة، وكذلك يقدرون هنا أنزلها ﴿ بصائر ﴾ وعند هؤلاء لا يعمل ما قبل إلاّ فيما بعدها إلاّ أن يكون مستثنى منه أو تابعاً له.
وقابل موسى ظنه بظن فرعون فقال :﴿ وإني لأظنك يا فرعون مثبوراً ﴾ وشتان ما بين الظنين ظن فرعون ظن باطل، وظن موسى ظن صدق، ولذلك آلَ أمر فرعون إلى الهلاك كان أولاً موسى عليه السلام يتوقع من فرعون أذى كما قال ﴿ إننا نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى ﴾ فأمر أن يقول له قولاً ليناً فلما قال له الله : لا تخف وثق بحماية الله، فصال على فرعون صولة المحمي.
وقابله من الكلام بما لم يكن ليقابله به قبل ذلك.
ومثبور مهلك في قول الحسن ومجاهد، وملعون في قول ابن عباس، وناقص العقل فيما روى ميمون بن مهران، ومسحور في قول الضحاك قال : رد عليه مثل ما قال له فرعون مع اختلاف اللفظ، وعن الفراء مثبور مصروف عن الخير مطبوع على قلبك من قولهم : ما ثبرك عن هذا؟ أي ما منعك وصرفك.
وقرأ أبيّ وإن أخالك يا فرعون لمثبوراً وهي أن الخفيفة، واللام الفارقة واستفزازه إياهم هو استخفافه لموسى ولقومه بأن يقلعهم من أرض مصر بقتل أو جلاء، فحاق به مكره وأغرقه الله وقبطه أراد أن تخلو أرض مصر منهم فأخلاها الله منه.