﴿ فاسأل بَنِى إسراءيل ﴾ وقرىء فسَلْ أي فقلنا له : سلْهم من فرعون، وقل له : أرسلْ معيَ بني إسرائيلَ أو سلهم عن إيمانهم أو عن حال دينِهم أو سلْهم أن يعاضدوك، ويؤيده قراءةُ رسولِ الله ﷺ على صيغة الماضي، وقيل : الخطابُ للنبي عليه الصلاة والسلام أي فاسألهم عن تلك الآياتِ لتزدادَ يقيناً وطُمَأْنينةً أو ليظهر صِدقُك ﴿ إِذْ جَاءهُمُ ﴾ متعلق بقلنا وبسأل على القراءة المذكورةِ وبآتينا أو بمضمر هم يخبروك أو اذكر على تقدير كونِ الخطابِ للرسول عليه الصلاة والسلام ﴿ فَقَالَ لَهُ فِرْعَونُ ﴾ الفاءُ فصيحةٌ أي فأظهرَ عند فرعون ما آتيناه من الآيات البيناتِ وبلّغه ما أُرسل به، فقال له فرعونُ :﴿ إِنّى لاظُنُّكَ ياموسى مَّسْحُورًا ﴾ سُحرْت فتخبّط عقلك.
﴿ قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلاء ﴾ يعني الآياتِ التي أظهرها ﴿ إِلاَّ رَبُّ السموات والأرض ﴾ خالقُهما ومدبرُهما، والتعرّضُ لربوبيته تعالى لهما للإيذان بأنه لا يقدِر على إيتاء مثلِ هاتيك الآياتِ العظامِ إلا خالقُهما ومدبّرهما ﴿ بَصَائِرَ ﴾ حالٌ من الآيات أي بيناتٍ مكشوفاتٍ تُبصّرك صدقي ولكنك تعاند وتكابر، نحوُ :﴿ وَجَحَدُواْ بِهَا واستيقنتها أَنفُسُهُمْ ﴾ ومن ضرورة ذلك العلمِ العلمُ بأنه عليه الصلاة والسلام على كمال رصانةِ العقلِ فضلاً عن توهم المسحورية، وقرىء علمتُ على صيغة التكلمِ أي لقد علمتُ بيقين أن هذه الآياتِ الباهرةَ أنزلها الله عز سلطانه فكيف يُتوهم أن يحومَ حولي سحر ﴿ وَإِنّى لاظُنُّكَ يافرعون مَثْبُورًا ﴾ مصروفاً عن الخير مطبوعاً على الشر، من قولهم : ما ثبَرك عن هذا أي ما صرفك، أو هالكاً ولقد قارع عليه السلام ظنَّه بظنه وشتان بينهما، كيف لا وظنُّ فرعونَ إفكٌ مُبينٌ وظنُّه عليه الصلاة والسلام يتاخم اليقين.