ومكث بكسرها، وقوله ﴿ قل آمنوا به ﴾ الآية تحقير للكفار، وفي ضمنه ضرب من التوعد، والمعنى أنكم لستم بحجة، فسواء علينا آمنتم أم كفرتم، وإنما ضرّ ذلك على أنفسكم، وإنما الحجة أهل العلم من قبله وهم بالصفة المذكورة، واختلف الناس في المراد ب ﴿ الذين أوتوا العلم من قبله ﴾، فقالت فرقة : هم مؤمنو أهل الكتاب وقالت فرقة : هم ورقة بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل ومن جرى مجراهما.
وقيل إن جماعة من أهل الكتاب جلسوا وهم على دينهم فتذاكروا أمر النبي ﷺ وما أنزل عليه، وقرىء عليهم منه شيء فخشعوا وسبحوا لله، وقالوا هذا وقت نبوة المذكور في التوراة، وهذه صفته، ووعد الله به واقع لا محالة وجنحوا إلى الإسلام هذا الجنوح، فنزلت الآية فيهم، وقالت فرقة : المراد ب ﴿ الذين أوتوا العلم من قبله ﴾ محمد ﷺ، والضمير في ﴿ قبله ﴾ عائد على القرآن حسب الضمير في ﴿ به ﴾، ويبين ذلك قوله ﴿ إذا يتلى ﴾، وقيل الضميران لمحمد. واستأنف ذكر القرآن في قوله ﴿ إذا يتلى ﴾، وقوله ﴿ للأذقان ﴾ أي لناحيتها، وهذا كما تقول تساقط لليد والفم أي لناحيتهما، وعليهما قال ابن عباس : المعنى للوجوه، وقال الحسن : المعنى للحي، و" الأذقان " أسافل الوجوه حيث يجتمع اللحيان، وهي أقرب ما في رأس الإنسان إلى الأرض، لا سيما عند سجوده، وقال الشاعر :[ الطويل ]
فخروا لأذقان الوجوه تنوشهم... سباع من الطير العوادي وتنتف