وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ وبالحق أنزلناه ﴾
الهاء كناية عن القرآن، والمعنى : أنزلنا القرآن بالأمر الثابت والدِّين المستقيم، فهو حَقٌّ، ونزوله حق، وما تضمنه حق.
وقال أبو سليمان الدمشقي :"وبالحق أنزلناه" أي : بالتوحيد، "وبالحق نزل" يعني : بالوعد والوعيد، والأمر والنهي.
قوله تعالى :﴿ وقرآنا فَرَقناه ﴾ قرأ علي عليه السلام، وسعد بن أبي وقاص، وأُبيّ بن كعب، وابن مسعود، وابن عباس، وأبو رزين، ومجاهد، والشعبي، وقتادة، والأعرج، وأبو رجاء، وابن محيصن :"فرَّقناه" بالتشديد.
وقرأ الجمهور بالتخفيف.
فأما قراءة التخفيف، ففي معناها ثلاثة أقوال.
أحدها : بيَّنَّا حلاله وحرامه، رواه الضحاك عن ابن عباس.
والثاني : فرقنا فيه بين الحق والباطل، [ قاله الحسن ].
والثالث : أحكمناه وفصَّلناه، كقوله تعالى :﴿ فيها يُفرَق كُلُّ أمر حكيم ﴾ [ الدخان : ٤ ]، قاله الفراء.
وأما المشددة، فمعناها : أنه أُنزل متفرِّقاً، ولم ينزل جملة واحدة.
وقد بيَّنَّا في أول كتابنا هذا مقدار المدة التي نزل فيها.
قوله تعالى :﴿ لتقرَأَه على الناس على مُكْثٍ ﴾ قرأ أنس، والشعبي، والضحاك، وقتادة، وأبو رجاءٍ، وأبان عن عاصم، وابن محيصن : بفتح الميم ؛ والمعنى : على تُؤدة وترسُّل ليتدبَّروا معناه.
قوله تعالى :﴿ قل آمنوا به أو لا تؤمنوا ﴾ هذا تهديد لكفار [ أهل ] مكة، والهاء كناية عن القرآن.
﴿ إِن الذين أوتوا العلم ﴾ وفيهم ثلاثة أقوال.
أحدها : أنهم ناس من أهل الكتاب، قاله مجاهد.
والثاني : أنهم الأنبياء عليهم السلام، قاله ابن زيد.
والثالث : طلاب الدِّين، كأبي ذر، وسلمان، وورقة بن نوفل، وزيد ابن عمرو، قاله الواحدي.
وفي هاء الكناية في قوله :﴿ من قبله ﴾ قولان.
أحدهما : أنها ترجع إِلى القرآن، والمعنى : من قبل نزوله.
والثاني : ترجع إِلى رسول الله ﷺ، قاله ابن زيد.