قال تعالى "وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ" تركتم قومكم "وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ" من الأوثان فرارا من دينهم الذي يريدونكم عليه قسرا أيتها الفئة الصالحة حفظا لدينكم وحرصا عن صدكم عنه، وذلك أنهم هربوا من أمام الملك لما رأوه يريد الفنك بهم لما سمعه منهم من الطعن في دينه وهجروا أوطانهم وفارقوا قومهم حبا بدينهم وحرصا عليه وقال بعضهم لبعض أثناء الهرب "فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ" وكلهم يعرفه بدليل مجيئه معرفا، فتراكضوا نحوه ولجأوا إليه وأعمى اللّه جماعة الملك الذين لحقوقهم ليقبضوهم ويحضروهم أمامه ليعذبهم على ما وقع منهم، إن يروهم، كيف لا وقد ألهمهم اللّه تعالى قوله "يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرفَقاً" ١٦ منتفعا ويسرا وسهولة، ثم اختفوا فيه وألقى اللّه عليهم النوم الثقيل.
وقد ذكر اللّه تعالى ما خصهم به من اللطف والعطف لقوة يقينهم وثبات عزيمتهم فقال "وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ" تميل وتعدل "عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ" جانبه