على حالتهم تلك "لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً" لما ترى عليهم من الهيبة التي ألقاها اللّه عليهم ليبقوا على حالتهم حتى انقضاء الأجل المضروب لقيامهم كما سيأتي "وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً" ١٨ لما ألقى اللّه عليهم من الهيبة ووضعية كلهم ووحشة مكانهم، قال ابن عباس : غزونا الروم مع معاوية فمررنا بالكهف، فقال معاوية لو كشف اللّه لنا عنهم لنظرناهم، فقال ابن عباس منع اللّه ذلك من هو خير منك، وتلا عليه (لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ) الآية، لأن المخاطب بها سيد المخاطبين صلّى اللّه عليه وسلم.
قال تعالى "وَكَذلِكَ" مثل ما أمتناهم بذلك اليوم "بَعَثْناهُمْ" أحييناهم من موتهم
بانقضاء آجالهم المقدرة في علمنا "لِيَتَسائَلُوا بَيْنَهُمْ" عن مدته لاشتباههم بها كما سيأتي في القصة "قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ" بعد إفاقتهم "كَمْ لَبِثْتُمْ" في رقدتكم هذه، لأنهم لم يروا تغييرا ما من أنفسهم إلا ما أنكروه من طول أظفارهم وشعورهم "قالُوا" بعضهم لبعض "لَبِثْنا يَوْماً" كعادة النائم إذ لا يزيد على اليوم غالبا، ولما نظروا إلى الشمس، وقد يقي منها بقية، وكان نومهم غدوة النهار، ورأوا آثار النوم بأعينهم كأنهم لم يستوفوا معتادهم منه، فقالوا "أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ" إلا أنهم في شك من قولهم هذا لما رأوا طول أظفارهم وشعورهم، بما يدل على أن نومهم أكثر من أن يقدر، فارتبكوا و"قالُوا" بعضهم لبعض "رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما لَبِثْتُمْ" فوضوا العلم إلى اللّه لئلا يخطئوا في التقدير، ثم أحسوا بالجوع فقال بعضهم لبعض "فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ" الفضة المضروبة المتعامل بها تداولا بين الناس وهو بكسر الراء المال من الدراهم فقط، وبفتحها المال و ؟ ؟ ؟ والإبل كما في أدب الكاتب لابن قتيبة، وقيل في المعنى :
أعطينني ورقا لم تعطني ورقا قل لي بلا ورق هل ينفع الورق


الصفحة التالية
Icon