و الحكم الشرعي : وجوب اعتقاد هذا، ومن أنكره فهو كافر لإنكاره كلام اللّه دون تأويل أو تفسير، قدمنا ما يتعلق بهذا في الآيتين ٣٦/ ٣٧ من سورة الإسراء المارة في ج ١، وله صلة في الآية ٩ فما بعدها من سورة المطففين الآتية، "فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ" خائفين من سوء أعمالهم "وَيَقُولُونَ" عند مشاهدته "يا وَيْلَتَنا ما لِهذَا الْكِتابِ" استفهام تعجب من كونه "لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً" من أعمال بني آدم وغيرهم "إِلَّا أَحْصاها" أثبتها ودونها فيه "وَوَجَدُوا" فيه كل "ما عَمِلُوا" في دنياهم "حاضِراً" بحيث يخيل إليهم فعلهم وقولهم كما أوقعوه في الدنيا بتخييل حقيقي وتمثيل واقعي بحيث ينطق كل بما وقع منه، بخلاف تمثيل أهل الدنيا (سينما) فإنه صوري وما يسمعونه من الكلام ليس من كلام الأشباح المخيلة نفسها بل من الشريط المعروض كالأسطوانات التي تمر عليها الإبرة، ونظير هذه الآية الآية ٢١ من آل عمران ج ٣، فيسمعون كلامهم أنفسهم وكلام من تكلموا معه ويسمعون نطق جوارحهم بما عملت وبأي مكان وزمان يرونه أيضا ويرون جزاءه مهيأ بنسبته "وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً" ٤٩ بحيث لا ينقص ثوابا ولا يزيد عقابا ولا يعذب أحدا بغير جرم، ولا يثيب أحدا بغير عمل صالح، وهذا لا على سبيل الوجوب إذ له جل جلاله إثابة العاصي وعقاب الطائع إذ لا يسأل عما يفعل وإنما يعامل العاصي بمقتضى العدل والطائع بحسب الفضل، فمن أين لكم أيها الناس بعد هذا تنكرون إعادة خلقكم وتكذبون رسلكم، وقد ضرب لكم الأمثال الحقيقية عليه وقص عليكم رسله نتيجة ما تؤولون إليه.
مطلب إبليس من الجن لا من الملائكة وانواع ذريته وما جاء فيهم من الأخبار :