وحمى الله أوسع وأرحب، ولو أوى الإنسان إلى كهف خشن ضيق. والفتية المؤمنون أصحاب الكهف يقولون بعد اعتزالهم لقومهم:(وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون - إلا الله - فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته، ويهيئ لكم من أمركم مرفقا)
والخطاب يوجه إلى الرسول ( ﷺ ) ليصبر نفسه مع أهل الإيمان ; غير مبال بزينة الحياة الدنيا وأهلها الغافلين عن الله (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه، ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا، ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ; واتبع هواه وكان أمره فرطا. وقل: الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر).
وقصة الجنتين تصور كيف يعتز المؤمن بإيمانه في وجه المال والجاه والزينة. وكيف يجبه صاحبها المنتفش المنتفخ بالحق، ويؤنبه على نسيان الله: ال له صاحبه وهو يحاوره: أكفرت بالذي خلقك من تراب ثم من نطفة ثم سواك رجلا ؟ لكن هو الله ربي ولا أشرك بربي أحدا. ولولا إذ دخلت جنتك قلت: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله. إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا. فعسى ربي أن يؤتين خيرا من جنتك، ويرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا، أو يصبح ماؤها غورا فلن تستطيع له طلبا.
وعقب القصة يضرب مثلا للحياة الدنيا وسرعة زوالها بعد ازدهارها:(واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء، فاختلط به نبات الأرض، فأصبح هشيما تذروه الرياح، وكان الله على كل شيء مقتدرا).
ويعقب عليه ببيان للقيم الزائلة والقيم الباقية:(المال والبنون زينة الحياة الدنيا، والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا).


الصفحة التالية
Icon