﴿كتاب مَّرْقُومٌ﴾ [ المطففين : ٩ ] أي مكتوب، قال الفراء : الرقيم لوح كان فيه أسماؤهم وصفاتهم، ونظن أنه إنما سمي رقيماً لأن أسماءهم كانت مرقومة فيه، وقيل الناس رقموا حديثهم نقراً في جانب الجبل، وقوله :﴿كَانُواْ مِنْ ءاياتنا عَجَبًا﴾ المراد أحسبت أن واقعتهم كانت عجيبة في أحوال مخلوقاتنا فلا تحسب ذلك فإن تلك الواقعة ليست عجيبة في جانب مخلوقاتنا، والعجب ههنا مصدر سمي المفعول به، والتقدير كانوا معجوباً منهم، فسموا بالمصدر والمفعول به من هذا يستعمل باسم المصدر، ثم قال تعالى :﴿إِذْ أَوَى الفتية إِلَى الكهف﴾ لا يجوز أن يكون إذ هنا متعلقاً بما قبله على تقدير أم حسبت إذ أوى الفتية لأنه كان بين النبي وبينهم مدة طويلة فلم يتعلق الحسبان بذلك الوقت الذي أووا فيه إلى الكهف بل يتعلق بمحذوف، والتقدير اذكر إذ أوى، ومعنى أوى الفتية في الكهف صاروا إليه وجعلوه مأواهم قال فقالوا :﴿رَبَّنَا ءاتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً﴾ أي رحمة من خزائن رحمتك وجلائل فضلك وإحسانك وهي الهداية بالمعرفة والصبر والرزق والأمن من الأعداء وقوله ﴿من لدنك﴾ يدل على عظمة تلك الرحمة وهي التي تكون لائقة بفضل الله تعالى وواسع جوده ﴿وهيىء لنا﴾ أي أصلح من قولك هيأت الأمر فتهيأ :﴿مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾ الرشد والرشاد نقيض الضلال وفي تفسير اللفظ وجهان.
الأول : التقدير وهيىء لنا أمراً ذا رشد حتى نكون بسببه راشدين مهتدين.


الصفحة التالية
Icon