البحث الثالث : قوله :﴿على ءاثارهم﴾ أي من بعدهم يقال مات فلان على أثر فلان أي بعده وأصل هذا أن الإنسان إذا مات بقيت علاماته وآثاره بعد موته مدة ثم إنها تنمحي وتبطله بالكلية، فإذا كان موته قريباً من موت الأول كان موته حاصلاً حال بقاء آثار الأول فصح أن يقال مات فلان على أثر فلان.
البحث الرابع : قوله ؛ ﴿إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث﴾ المراد بالحديث القرآن.
قال القاضي : وهذا يقتضي وصف القرآن بأنه حديث وذلك يدل على فساد قول من يقول : إنه قديم وجوابه أنه محمول على الألفاظ وهي حادثة.
البحث الخامس : قوله :﴿أَسَفاً﴾ الأسف المبالغة في الحزن وذكرنا الكلام فيه عند قوله :﴿غضبان أَسِفًا﴾ في سورة الأعراف [ ١٥٠ ] وعند قوله :﴿يا أسفي على يُوسُفَ﴾ [ يوسف : ٨٤ ] وفي انتصابه وجوه.
الأول : أنه نصب على المصدر ودل ما قبله من الكلام على أنه يأسف.
الثاني : يجوز أن يكون مفعولاً له أي للأسف كقولك جئتك ابتغاء الخير.
والثالث : قال الزجاج :﴿أَسَفاً﴾ منصوب لأنه مصدر في موضع الحال.
البحث السادس : الفاء في قوله :﴿فَلَعَلَّكَ﴾ جواب الشرط وهو قوله :﴿إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ﴾ قدم عليه ومعناه التأخير.
﴿ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨) ﴾
في الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قال القاضي : وجه النظم كأنه تعالى يقول : يا محمد إني خلقت الأرض وزينتها وأخرجت منها أنواع المنافع والمصالح والمقصود من خلقها بما فيها من المنافع ابتلاء الخلق بهذه التكاليف ثم إنهم يكفرون ويتمردون مع ذلك فلا أقطع عنهم مواد هذه النعم.
فأنت أيضاً يا محمد ينبغي أن لا تنتهي في الحزن بسبب كفرهم إلى أن تترك الاشتغال بدعوتهم إلى الدين الحق.
المسألة الثانية :


الصفحة التالية
Icon