وقال ابن عطية :
قوله ﴿ وتحسبهم ﴾ الآية،
صفة حال قد نقضت وجاءت أفعالها مستقبلة تجوزاً واتساعاً و﴿ أيقاظاً ﴾ جمع يقظ كعضد وأعضاد، وهو المنتبه قال أهل التفسير : كانت أعينهم مفتوحة وهم نائمون، فلذلك كان الرائي يحسبهم ﴿ أيقاظاً ﴾.
قال القاضي أبو محمد : ويحتمل أن يحسب الرائي ذلك لشدة الحفظ الذي كان عليهم وقلة التغير، وذلك أن الغالب على النوام أن يكون لهم استرخاء وهيئات تقتضي النوم، ورب نائم على أحوال لم يتغير عن حالة اليقظة فيحسبه الرائي يقظاناً وإن كان مسدود العينين، ولو صح فتح أعينهم بسند يقطع العذر كان أبين في أن يحسب عليهم التيقظ، وقرأ الجمهور " ونقلبهم " بنون العظمة، وقرأ الحسن " وَتَقلُّبُهم " بالتاء المفتوحة وضم اللام والباء، وهو مصدر مرتفع بالابتداء، قاله أبو حاتم، وحكى ابن جني القراءة عن الحسن بفتح التاء وضم اللام وفتح الباء، وقال هذا نصب بفعل مقدر كأنه قال وترى أو تشاهد تقلبهم، وأبو حاتم أثبت، ورأت فرقة أن التقلب هو الذي من أجله كان الرائي يحسبهم ﴿ أيقاظاً ﴾ وهذا وإن كان التقلب لمن صادف رؤيته دليلاً على ذلك، فإن ألفاظ الآية لم تسقه إلا خبراً مستأنفاً، وقال أبو عياض : كان هذا التقليب مرتين في السنة، وقالت فرقة كل سبع سنين مرة، وقالت فرقة إنما قلبوا في التسع الأواخر، وأما في الثلاثمائة فلا، وذكر بعض المفسرين أن تقلبهم إنما كان حفظاً من الأرض، وروي عن ابن عباس أنه قال لو مستهم الشمس لأحرقتهم، ولولا التقليب لأكلتهم الأرض.