وكذا القول حال غروبها، وكان ذلك فعلاً خارقاً للعادة وكرامة عظيمة خص الله بها أصحاب الكهف، وهذا قول الزجاج واحتج على صحته بقوله :﴿ذلك مِنْ آيات الله﴾ قال ولو كان الأمر كما ذكره أصحاب القول الأول لكان ذلك أمراً معتاداً مألوفاً فلم يكن ذلك من آيات الله، وأما إذا حملنا الآية على هذا الوجه الثاني كان ذلك كرامة عجيبة فكانت من آيات الله، واعلم أنه تعالى أخبر بعد ذلك أنهم كانوا في متسع من الكهف ينالهم فيه برد الريح ونسيم الهواء، قال :﴿وَهُمْ فِى فَجْوَةٍ مّنْهُ﴾ أي من الكهف، والفجوة متسع في مكان، قال أبو عبيدة وجمعها فجوات، ومنه الحديث :
" فإذا وجد فجوة نص " ثم قال تعالى :﴿ذلك مِنْ آيات الله﴾ وفيه قولان الذين قالوا إنه يمنع وصول ضوء الشمس بقدرته قالوا المراد من قوله ذلك أي ذلك التزاور والميل، والذين لم يقولوا به قالوا المراد بقوله ذلك أي ذلك الحفظ الذي حفظهم الله في الغار تلك المدة الطويلة، من آيات الله الدالة على عجائب قدرته وبدائع حكمته، ثم بين تعالى أنه كما أن بقاءهم هذه المدة الطويلة مصوناً عن الموت والهلاك من تدبيراته ولطفه وكرمه، فكذلك رجوعهم أولاً عن الكفر ورغبتهم في الإيمان كان بإعانة الله ولطفه فقال :﴿مَن يَهْدِ الله فَهُوَ المهتد﴾ مثل أصحاب الكهف :﴿وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيّا مُّرْشِدًا﴾ كدقيانوس الكافر وأصحابه، ومناظرات أهل الجبر والقدر في هذه الآية معلومة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢١ صـ ٨٤ ـ ٨٥﴾


الصفحة التالية
Icon