أن القيام في قوله ﴿ إذ قاموا ﴾ عزماً كما تضمن التأويل الواحد وكان القول منهم فيما بينهم فهذه المقالة يصح أن تكون من قولهم الذي قالوه عند قيامهم، وإن كان القيام المذكور مقامهم بين يدي الملك فهذه المقالة لا يترتب أن تكون من مقالهم بين يدي الملك، بل يكون في الكلام حذف تقديره وقال بعضهم لبعض، وبهذا يترجح أن قوله تعالى :﴿ إذ قاموا فقالوا ﴾ إنما المراد به إذ عزموا ونفذوا لأمرهم، وقوله ﴿ إلا الله ﴾ إن فرضنا الكفار الذين فر أهل الكهف منهم لا يعرفون الله ولا علم لهم به، وإنما يعتقدون الألوهية في أصنامهم فقط، فهو استثناء منقطع ليس من الأول، وإن فرضناهم يعرفون الله ويعظمونه كما كانت تفعل العرب لكنهم يشركون أصنامهم معه في العبادة فالاستثناء متصل، لأن الاعتزال وقع في كل ما يعبد الكفار إلا في جهة الله تعالى، وفي مصحف ابن مسعود " وما يعبدون من دون الله "، قال قتادة هذا تفسيرها، قال هارون وفي بعض مصاحفه " وما يعبدون من دوننا "، فعلى ما قال قتادة تكون ﴿ إلا ﴾ بمنزلة غير، و﴿ ما ﴾ من قوله ﴿ وما يعبدون ﴾ في موضع نصب عطفاً على الضمير في قوله ﴿ اعتزلتموهم ﴾، ومضمن هذه الآية أن بعضهم قال لبعض إذ فارقنا الكفار وانفردنا بالله تعالى فلنجعل الكهف مأوى ونتكل على الله تعالى فإنه سيبسط لنا رحمته وينشرها علينا ويهيىء لنا من أمرنا ﴿ مرفقاً ﴾، وهذا كله دعاء بحسب الدنيا، وعلى ثقة من الله كانوا في أمر آخرتهم، وقرأ نافع وابن عامر " مَرفِقاً " بفتح الميم وكسر الفاء، وهو مصدر كالرفق فيما حكى أبو زيد، وهي قراءة أبي جعفر والأعرج وشيبة، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي والحسن وطلحة والأعمش وابن أبي إسحاق " مِرفَقاً " بكسر الميم وفتح الفاء، ويقالان جميعاً في الأمر وفي الجارحة، حكاه الزجاج، وذكر مكي عن الفراء أنه قال : لا أعرف في الأمر وفي اليد وفي كل شيء إلا كسر الميم، وأنكر