قال القاضي أبو محمد : أي ذهب بهذا القائل، وما الوجه المفهوم البارع إلا أن تكون الآية خبراً عن لبثهم، ثم قيل لمحمد ﷺ ﴿ قل الله أعلم بما لبثوا ﴾ فخبره هذا هو الحق من عالم الغيب فليزل اختلافكم أيها المخرصون، وقال المحققون : بل قوله تعالى :﴿ ولبثوا في كهفهم ﴾ الآية خبر من الله تعالى عن مدة لبثهم، ثم اختلف في معنى قوله بعد الإخبار ﴿ قل الله أعلم بما لبثوا ﴾ فقال الطبري : إن بني إسرائيل اختلفوا فيما مضى لهم من المدة بعد الإعثار عليهم إلى مدة النبي ﷺ، فقال بعضهم إنهم لبثوا ثلاثمائة سنة وتسع سنين، فأخبر الله نبيه أن هذه المدة في كونهم نياماً، وأن ما بعد ذلك مجهول للبشر، فأمره الله أن يرد علم ذلك إليه فقوله على هذا التأويل ﴿ لبثوا ﴾ الأول، يريد في نوم الكهف، و﴿ لبثوا ﴾ الثاني : يريد بعد الإعثار موتى إلى مدة محمد عليه السلام، إلى وقت عدمهم بالبلى، على الاختلاف الذي سنذكره بعد، وقال بعضها إنه لما قال :﴿ وازدادوا تسعاً ﴾ لم يدر الناس أهي ساعات، أم أيام، أم جمع، أم شهور، أم أعوام. واختلف بنو إسرائيل بحسب ذلك، فأمره الله برد العلم إليه، يريد في التسع فهي على هذا مبهمة، وظاهر كلام العرب والمفهوم منه أنها أعوام، والظاهر من أمرهم أنهم قاموا ودخلوا الكهف بعد عيسى بيسير، وقد بقيت من الحواريين بقية، وحكى النقاش ما معناه : أنهم لبثوا ثلاثمائة سنة شمسية بحساب الأمم، فلما كان الإخبار هنا للنبي العربي ذكرت التسع، إذ المفهوم عنده من السنين القمرية، فهذه الزيادة هي ما بين الحسابين، وقرأ الجمهور " ثلاثمائةٍ سنينَ " بتنوين مائة ونصب " سنينَ " على البدل من " ثلاثمائةٍ "، وعطف البيان، وقيل على التفسير والتمييز وقرأ حمزة والكسائي ويحيى وطلحة والأعمش بإضافة " مائة " إلى " سنين "، وترك التنوين، وكأنهم جعلوا " سنين " بمنزلة سنة، إذ المعنى


الصفحة التالية
Icon