قال قتادة : لا أحد أبصر من الله ولا أسمع، وهذه عبارات عن الإدراك، ويحتمل أن يكون المعنى : أبصر به أي بوحيه وإرشاده هداك وحججك والحق من الأمور. وأسمع به العالم، فتكون أمرين، لا على وجه التعجب، وقوله ﴿ ما لهم من دونه من ولي ﴾ يحتمل أن يعود الضمير في ﴿ لهم ﴾ على أصحاب الكهف، أي هذه قدرته وحده، لم يواليهم غيره بتلطف لهم، ولا اشترك معه أحد في هذا الحكم، ويحتمل أن يعود الضمير في ﴿ لهم ﴾ على معاصري رسول الله ﷺ من الكفار ومشاقيه، وتكون الآية اعتراضاً بتهديد، وقرأ الجمهور " ولا يشرك في حكمه أحداً " بالياء من تحت على معنى الخبر عن الله تعالى، وقرأ ابن عامر والحسن وأبو رجاء وقتادة والجحدري " ولا تشرك " بالتاء من فوق، على جهة النهي للنبي عليه السلام، ويكون قوله " ولا تشرك " عطفاً على ﴿ أبصر ﴾ ﴿ وأسمع ﴾، وقرأ مجاهد " ولا يشركْ " بالياء من تحت وبالجزم، قال يعقوب لا أعرف وجهه، وحكى الطبري عن الضحاك بن مزاحم أنه قال : نزلت هذه الآية :﴿ ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة ﴾ فقط، فقال الناس هي أشهر أم أيام أم أعوام؟ فنزلت ﴿ سنين وازدادوا تسعاً ﴾ وأما هل دام أهل الكهف وبقيت أشخاصهم محفوظة بعد الموت؟ فاختلفت الروايات في ذلك، فروي عن ابن عباس أنه مر بالشام في بعض غزواته، مع ناس على موضع الكهف وجبله، فمشى الناس إليه، فوجدوا عظاماً، فقالوا هذه عظام أصحاب الكهف، فقال لهم ابن عباس : أولئك قوم فنوا وعدموا منذ مدة طويلة فسمعه راهب، فقال ما كنت أحسب أن أحداً من العرب يعرف هذا، فقيل له هذا ابن عم نبينا فسكت، وروت فرقة أن رسول الله ﷺ : قال " ليحجن عيسى ابن مريم ومعه أصحاب الكهف، فإنهم لم يحجوا بعد ".


الصفحة التالية
Icon