وقد بين في سورة " السجدة " أن ما أخفاه الله لعم من قرة أعين لا يعلمه إلا هو جل وعلا، وذلك في قوله :﴿ فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ ﴾ [ السجدة : ١٧ ] الآية.
وقوله في هذه الآية الكريمة. ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ أي إقامة لا رحيل بعدها ولا تحول كما قال تعالى :﴿ لاَ يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً ﴾ [ الكهف : ١٠٨ ] أصله من عدن بالمكان : إذا أقام به. وقد تقدم في سورة " النحل " معنى السندس والاستبرق بما أغنى عن إعادته هنا، والأساور : جمع سوار. وقال بعضهم : جمع أسورة. والثواب : الجزاء مطلقاً على التحقيق. ومنه قول الشاعر :
لكل أخي مدح ثواب علمته... وليس المدح الباهلي ثواب
وقول من قال : إن الثواب في اللغة يختص بجزاء الخير بالخير - غير صواب : بل يطلق الثواب أيضاً على جزاء الشر بالشر. ومنه قوله تعالى :﴿ هَلْ ثُوِّبَ الكفار مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ ﴾ [ المطففين : ٣٦ ]، وقوله تعالى :﴿ قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِّن ذلك مَثُوبَةً عِندَ الله مَن لَّعَنَهُ الله وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾ [ المائدة : ٦٠ ] الآية.
وقوله :﴿ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً ﴾ الضمير في قوله " حسنت " راجع إلى " جنات عدن ". والمرتفق قد قدمنا أقوال العلماء فيه. وقوله هنا في الجنة " وحسنت مرتفقاً " يبين معناه قوله تعالى :﴿ أولئك يُجْزَوْنَ الغرفة بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً ﴾ [ الفرقان : ٧٥-٧٦ ]. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon