وَنَحْوُهُ ﴿ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حِينَ قَالَ ذُو الْيَدَيْنِ : أَقَصَرْتَ الصَّلَاةَ أَمْ نَسِيتَ ؟ ﴾
قَوْله تَعَالَى :﴿ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إلَى الْمَدِينَةِ ﴾ الْآيَةَ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ خَلْطِ دَرَاهِمِ الْجَمَاعَةِ وَالشِّرَى بِهَا وَالْأَكْلِ مِنْ الطَّعَامِ الَّذِي بَيْنَهُمْ بِالشَّرِكَةِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ قَدْ يَأْكُلُ أَكْثَرَ مِمَّا يَأْكُلُ غَيْرُهُ، وَهَذَا الَّذِي يُسَمِّيهِ النَّاسُ الْمُنَاهَدَةَ وَيَفْعَلُونَهُ فِي الْأَسْفَارِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ قَالُوا : فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إلَى الْمَدِينَةِ، فَأَضَافَ الْوَرِقَ إلَى الْجَمَاعَةِ، وَنَحْوُهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ﴾ فَأَبَاحَ لَهُمْ بِذَلِكَ خَلْطَ طَعَامِ الْيَتِيمِ بِطَعَامِهِمْ وَأَنْ تَكُونَ يَدُهُ مَعَ أَيْدِيهِمْ مَعَ جَوَازِ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ أَكْلًا مِنْ غَيْرِهِ.
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ الْوَكَالَةِ بِالشِّرَى ؛ لِأَنَّ الَّذِي بَعَثُوا بِهِ كَانَ وَكِيلًا لَهُمْ.
بَابُ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْيَمِينِ الِاسْتِثْنَاءُ فِي الْيَمِينِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾ قَالَ أَبُو بَكْرٍ : هَذَا الضَّرْبُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ يَدْخُلُ لِرَفْعِ حُكْمِ الْكَلَامِ حَتَّى يَكُونَ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ سَوَاءً، وَذَلِكَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَدَبَهُ إلَى الِاسْتِثْنَاءِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لِئَلَّا يَصِيرَ كَاذِبًا بِالْحَلِفِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ مَا وَصَفْنَا.