وَهَذَا الَّذِي قَالَ مَالِكٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمْ أَجِدْ عَلَيْهِ دَلِيلًا ؛ لِأَنَّ رَبْطَ الْمَشِيئَةِ، وَذِكْرَهَا قَوْلًا مِنْ الْعَبْدِ لِفِعْلِ الْعَبْدِ، فَقَالَ لِعَبْدِهِ : لَا تَقُلْ إنِّي فَاعِلٌ شَيْئًا فِيمَا تَسْتَقْبِلُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، تَقْدِيرُهُ عِنْدَ قَوْمٍ : إلَّا بِمَشِيئَةِ اللَّهِ.
وَتَقْدِيرُهُ عِنْد آخَرِينَ : إلَّا أَنْ تَقُولَ إنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَقَدْ مَهَّدْنَاهُ فِي رِسَالَةِ الْمُلْجِئَةِ، وَهَذَا عَزْمٌ مِنْ اللَّهِ لِعَبْدِهِ عَلَى أَنْ يُدْخِلَ قَوْلًا وَعَقْدًا فِي مَشِيئَةِ رَبِّهِ، فَمَا تَشَاءُونَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ؛ وَقَوْلُ ذَلِكَ أَجْدَرُ فِي
قَضَاءِ الْأَمْرِ، وَدَرْكِ الْحَاجَةِ.
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ قَالَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُد : لَأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى سَبْعِينَ امْرَأَةً تَحْمِلُ كُلُّ امْرَأَةٍ فَارِسًا يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.
فَقَالَ لَهُ صَاحِبُهُ : إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَلَمْ يَقُلْ، فَلَمْ تَحْمِلْ شَيْئًا إلَّا وَاحِدًا سَاقِطًا أَحَدُ شِقَّيْهِ.
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ قَالَهَا لَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ﴾
.
فَهَذَا بَيَانُ الثُّنْيَا فِي الْيَمِينِ، وَأَنَّهَا حَالَةٌ لِعَقْدِ الْأَيْمَانِ، وَأَصْلٌ فِي سُقُوطِ سَبَبِ الْكَفَّارَةِ عَنْهَا، وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ أَنْ يُذْكَرَ اللَّهُ عِنْدَ السَّهْوِ وَالْغَفْلَةِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ :﴿ وَاذْكُرْ رَبَّك إذَا نَسِيت ﴾.


الصفحة التالية
Icon