﴿ فِى الكهف سِنِينَ عَدَدًا ﴾ ؛ ويراد بذكر العدد التأكيد، لأن الكثير يحتاج أن يعد.
وإنما صار نصباً، لأنه مصدر.
قال ابن عباس في حديث أصحاب الكهف أنه قال : إن مدينة كانت بالروم ظهر عليها ملك من الملوك يقال له دقيانوس، غلب على مدينتهم وأرضهم ؛ وكانت المدينة تسمى أفسوس، فجعل يدعوهم إلى عبادة الأوثان ويقتلهم على ذلك ؛ فمن كفر بالله واتبع دينه، تركه.
فهدى الله شاباً من أهل تلك المدينة إلى دين الإسلام، فجعل يدعوهم سراً حتى تابعه على ذلك سبعة غلمة، ففطن لهم الملك، فأرسل إليهم وأخذهم ودفعهم إلى آبائهم يحفظونهم، حتى يرسل إليهم من يطلبهم من آبائهم.
فأَرسل إليهم فهربوا، فقالت آباؤهم : والله لقد خرجوا من عندنا بالأمس، فما ندري أَين هم.
فمروا بغلام راعٍ ومعه كلب له، فدعوه إلى أمرهم فأعجبه ذلك، فتابعهم عليه.
فمضى معهم واتبعه كلبه، حتى أَتوا غاراً أي كهفاً فدخلوا فيه.
ثم أرسلوا بعضهم إلى السوق، ليشتري لهم طعاماً من السوق فركب الملك والناس معه في طلبهم، وهم يسألون عنهم.
فسمع رسولهم بذلك، فعجَّل أن يشتري لهم كل الذي أرادوا ؛ فاشترى بعضه وأتاهم فأخبرهم أن الملك والناس في طلبهم، فأكلوا ما أتاهم به ولم يشبعوا.
ثم ناموا على وجوههم، فضرب الله على آذانهم بالنوم سنين عدداً.
وسار الملك والناس معه، حتى انتهوا إلى باب الكهف، فوجدوا آثارهم داخلين ولم يجدوا آثارهم خارجين ؛ فدخلوا الكهف فأعمى الله عليهم، فطلبوهم فلم يجدوا شيئاً.
فقال الملك : سدوا عليهم باب الكهف، حتى يموتوا فيه، فيكون قبرهم إن كانوا فيه.
ثم انصرف الملك والناس معه، فعمد رجلان مسلمان يكتمان إيمانهما إلى لوح من رصاص، فكتبا فيه أسماء الفتية وأسماء آبائهم ومدينتهم، وأنهم خرجوا فراراً من دقيانوس الملك الكافر ؛ فمن ظهر عليهم، يعلم بأنهم مسلمون.
وأَلْزَقَاهُ في السد من داخل الكهف.


الصفحة التالية
Icon