وروى سعيد بن جابر، عن ابن عباس أنه قال : غزا معاوية غزوة نحو الروم، فمروا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف ؛ فقال : لو كشفنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم، فقال ابن عباس : قد منع الله ذلك عمن هو خير منك، يعني : قال للنبي ﷺ ﴿ لَوِ اطلعت عَلَيْهِمْ لَوْلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا ﴾ ﴿ وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا ﴾ ؛ فقال معاوية : لا أنتهي حتى أعلم علمهم، فبعث ناساً، فقال : اذهبوا فادخلوا الكهف، فلما ذهبوا ودخلوا، بعث الله تعالى ريحاً فأخرجتهم.
ثم قال تعالى :﴿ وكذلك بعثناهم ﴾، أي أيقظناهم من نومهم جياعاً كما رقدوا.
﴿ لِيَتَسَاءلُوا بَيْنَهُمْ ﴾، أي ليتحدثوا بينهم.
﴿ قَالَ قَائِلٌ مّنْهُمْ كَم لَبِثْتُمْ ﴾، أي كم مكثتم في نومكم؟ ﴿ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا ﴾ ؛ فلما رأوا الشمس قد زالت قالوا :﴿ أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فابعثوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هذه إلى المدينة ﴾.
وروى مجاهد، عن ابن عباس قال : كانت دراهم أصحاب الكهف مثل أخفاف الإبل.
قرأ ابن كثير ونافع ﴿ وَلَمُلِئْتَ ﴾ بتشديد اللام، وهي لغة لبعض العرب، وقرأ الباقون بالتخفيف، وهما لغتان ؛ وقرأ أبو عمرو وحمزة وعاصم في رواية أبي بكر ﴿ بِوَرِقِكُمْ ﴾ بجزم الراء ؛ وقرأ الباقون بالكسر وهما لغتان.
﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أزكى طَعَامًا ﴾، أي أطيب خبزاً أو أحل ذبيحة ؛ وهذا قول ابن عباس ؛ ويقال : أي أهلها أزكى طعاماً ؛ وقال عكرمة : أي أكثر وأرخص طعاماً.
﴿ فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مّنْهُ ﴾، أي بطعام مِنْهُ ؛ وَيُقَالُ : أَزْكَى طعاماً أي : لم يكن غصباً ولا من جهة لا تحل.
﴿ وَلْيَتَلَطَّفْ ﴾، أي وليرفق في الشراء.
﴿ وَلاَ يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا ﴾، أي لا يُعلمن بمكانكم أحداً من الناس.