﴿ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا ﴾، أي لا ملجأ يمنعك منه ؛ ويقال :﴿ مُلْتَحَدًا ﴾، أي مانعاً يمنعك ؛ ويقال : معدلاً.
وإنما سمي اللحد لحداً، لأنه في ناحية ؛ ويقال : معناه وإن زدت فيه أو نقصت منه، لن تجد من عذابه ملجأ.
﴿ واصبر نَفْسَكَ ﴾، يقول : واحبس نفسك ﴿ مَعَ الذين يَدْعُونَ رَبَّهُم ﴾، أي يصلون لله تعالى ﴿ بالغداة والعشى ﴾، يعني : الصلوات الخمس.
قال ابن عباس : نزلت الآية في سلمان، وصهيب، وعمار بن ياسر، وخباب بن الأرت، وعامر بن فهيرة، ونحوهم من الفقراء قالوا : بينا رسول الله ﷺ جالس ذات يوم، عنده سلمان على بساط منسق بالخوص أي منسوجاً إذ دخل عليه عيينة بن حصن الفزاري، فجعل يدفعه بمرفقه وينحيه، حتى أخرجه من البساط.
وكان على سلمان شملة قد عرق فيها فقال عيينة : إنَّ لنا شرفاً، فإذا دخلنا عليك فأخرج هذا واضربه ؛ فوالله إنه ليؤذيني ريحه.
أما يؤذيك ريحه؟ فإذا خرجنا من عندك، فأدخلهم وأذن لهم بالدخول إن بدا لك أن يدخلوا عليك أو اجعل لنا مجلساً ولهم مجلساً، فنزل :﴿ واصبر نَفْسَكَ ﴾ إلى ﴿ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ﴾، أي يطلبون رضاه.
﴿ وَلاَ تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ﴾، أي لا يتجاوزهم إلى زينة الحياة الدنيا ويقال : لا تحتقرهم ولا تزدرهم.
﴿ تُرِيدُ زِينَةَ الحياة الدنيا ﴾، أي ما قال عيينة بن حصن الفزاري وأمثاله ﴿ وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا ﴾، أي عن القرآن، ﴿ واتبع هَوَاهُ ﴾ في عبادة الأصنام.
﴿ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾، أي ضياعاً ؛ وقال السدي : هلاكاً.
قال أبو عبيدة : ندماً ؛ وقال القتبي : أصله من العجلة والسبق.
قال المفسرون : أي سرفاً ؛ وقال الزجاج : تفريطاً وهو العجز.
ثم قال تعالى :﴿ وَقُلِ الحق مِن رَّبّكُمْ ﴾، أي القرآن، يعني : الذي أعطاكم به الحق من ربكم وهو قول : لا إله إلا الله، يعني : ادعهم إلى الحق.


الصفحة التالية
Icon