فجعل تمليخا ما يدري ما يقول لهم وما يرجع إليهم، وفرق حتى ما يخبرهم شيئاً، فلما رأوه لا يتكلم أخذوا كساءه وطوقوه في عنقه، ثمّ جعلوا يقودونه في سكك المدينة مكبباً، حتى سمع به من فيها، فقيل : أُخذ رجل عنده كنز، فاجتمع عليه أهل المدينة، صغيرهم وكبيرهم، فجعلوا ينظرون إليه ويقولون : والله ما هذا الفتى من أهل هذه المدينة، وما رأيناه فيها قط، وما نعرفه. فجعل تمليخا ما يدري ما يقول لهم مع ما يسمع منهم، فلما اجتمع عليه أهل المدينة فرق وسكت ولم يتكلم، ولو قال إنه من أهل المدينة لم يُصدّق، وكان مستيقناً أن أباه وإخوته بالمدينة، وأن حسبه في أهل المدينة من عظماء أهلها، وأنهم سيأتونه إذا سمعوا، وقد استيقن أنه عشية أمس يعرف كثيراً من أهلها وأنه لا يعرف اليوم من أهلها أحداً.