﴿ سيقولون ثلثة ﴾ وذلك أن السيد والعاقب وأصحابهما من نصارى أهل نجران كانوا عند النبيّ ﷺ فجرى ذكر أصحاب الكهف فقال السيد : كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم. وكان السيد يعقوبياً، وقال العاقب : كانوا خمسة سادسهم كلبهم. وكان نسطوريّاً، وقال المسلمون : كانوا سبعة وثامنهم كلبهم، فحقق الله قول المسلمين وصدّقهم بعد ما حكى قول النصارى، فقال ﴿ سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بالغيب ﴾ أي قذفاً بالظنّ من غير يقين، كقول الشاعر :
وأجعلُ منّي الحقّ غيباً مرجّما... ﴿ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ﴾ وقال بعضهم : هذه الواو واو الثمانية، إن العرب يقولون : واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، خمسة، ستة، سبعة، وثمانية، لأن العِقد كان عندهم سبعة كما هو اليوم عندنا عشرة. ونظيره قوله تعالى :﴿ التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عَنِ المنكر ﴾ [ التوبة : ١١٢ ].
وقوله في صفة أهل الجنّة ﴿ حتى إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا ﴾ [ الزمر : ٧٣ ].
وقوله لأزواج النبي ﷺ ﴿ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَاراً ﴾ [ التحريم : ٥ ].
وقال بعضهم : هذه واو الحكم والتحقيق، فكأنه حكى اختلافهم فتمّ الكلام عند قوله :﴿ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ ﴾، ثمّ حكم أن ثامنهم كلبهم، والثامن لا يكون إلاّ بعد السّبع، فهذا تحقيق قول المسلمين.
﴿ رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾، قال قتادة : قليل من الناس. وقال عطاء : يعني بالقليل : أهل الكتاب. يحيى بن أبي روق عن أبيه عن الضحّاك عن ابن عباس في قوله تعالى. ﴿ مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ قَلِيلٌ ﴾ قال : أنا من أُولئك القليل.