وقال القرطبى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (٣٠) ﴾
لما ذكر ما أعدّ للكافرين من الهوان ذكر أيضاً ما للمؤمنين من الثواب.
وفي الكلام إضمار ؛ أي لا نضيع أجر من أحسن منهم عملاً، فأما من أحسن عملاً من غير المؤمنين فعمله مُحْبطَ.
و"عملا" نصب على التمييز، وإن شئت بإيقاع "أحسن" عليه.
وقيل :﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ كلام معترض، والخبر قوله ﴿ أولئك لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ و ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ ﴾ سُرَّةُ الجنة، أي وسطها وسائر الجنات مُحْدِقَة بها.
وذكرت بلفظ الجمع لسَعتها ؛ لأن كل بُقعة منها تصلح أن تكون جنة.
وقيل : العَدْن الإقامة، يقال : عَدَن بالمكان إذا أقام به.
وعَدَنْت البلد توطنْته.
وعَدَنَتِ الإبلُ بمكان كذا لزمته فلم تبرح منه ؛ ومنه "جناتُ عَدْن" أي جنات إقامة.
ومنه سُمِّيَ المَعْدِن ( بكسر الدال ) ؛ لأن الناس يقيمون فيه بالصيف والشتاء.
ومركز كلّ شيء مَعدِنه.
والعادن : الناقة المقيمة في المرعى.
وعَدَن بلد ؛ قاله الجوهري.
﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأنهار ﴾ تقدّم في غير موضع.
﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ﴾ وهو جمع سِوار.
قال سعيد بن جُبَير : على كل واحد منهم ثلاثة أسورة : واحد من ذهب، وواحد من ورِق، وواحد من لؤلؤ.
قلت : هذا منصوص في القرآن، قال هنا ﴿ من ذهب ﴾ [ الحج : ٢٣ ] وقال في الحج وفاطر ﴿ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً ﴾ [ فاطر : ٣٣ ] وفي الإنسان ﴿ مِن فِضَّةٍ ﴾ [ الإنسان : ٢١ ].
وقال أبو هريرة : سمعت خليلي ﷺ يقول :" تبلغ الحِلْية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء " خرّجه مسلم.
وحكى الفرّاء :"يَحْلَون" بفتح الياء وسكون الحاء وفتح اللام خفيفة ؛ يقال : حَلِيت المرأة تَحْلَى فهي حالية إذا لبست الحَلْي.
وحَلِيَ الشي بعيني يَحْلَى ؛ ذكره النحاس.


الصفحة التالية
Icon