وقال أبو السعود :
﴿ إِنَّ الذين ءامَنُواْ ﴾
في محل التعليلِ للحث على الإيمان المنفهِم من التخيير، كأنه قيل : وللذين آمنوا، ولعل تغييرَ سبكه للإيذان بكمال تنافي مآليْ الفريقين أي إن الذين آمنوا بالحق الذي أوحيَ إليك ﴿ وَعَمِلُواْ الصالحات ﴾ حسبما بين في تضاعيفه ﴿ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً ﴾ خبرُ إن الأولى هي الثانيةُ مع ما في حيزها والراجعُ محذوفٌ أي من أحسنَ منهم عملاً أو مستغنًى عنه كما في قولك : نعم الرجلُ زيدٌ أو واقعٌ موقعَه الظاهرَ فإن من أحسن عملاً في الحقيقة هو الذي آمن وعمِل الصالحات.
﴿ أولئك ﴾ المنعوتون بالنعوت الجليلة ﴿ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهِمُ الأنهار ﴾ استئنافٌ لبيان الأجر، أو هو الخبرُ وما بينهما اعتراضٌ أو هو خبرٌ بعد خبر ﴿ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ ﴾ من الأولى ابتدائيةٌ والثانيةُ صفةٌ لأساور والتنكيرُ للتفخيم وهو جمعُ أَسوِرة أو إسْوار جمع سِوار ﴿ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا ﴾ خُصت الخُضرة بثيابهم لأنها أحسنُ الألوان وأكثرُها طراوة ﴿ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ﴾ أي مما رقّ من الديباج وغلُظ، جمعَ بين النوعين للدِلالة على أن فيها ما تشتهي الأنفسُ وتلَذّ الأعين ﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا على الأرائك ﴾ على السرُر على ما هو شأن المتنعمين ﴿ نِعْمَ الثواب ﴾ ذلك ﴿ وَحَسُنَتْ ﴾ أي الأرائك ﴿ مُرْتَفَقًا ﴾ أي متكأ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٥ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon