الفائدة الأولى : الآية تدل على أن صدور الفعل عن الفاعل بدون القصد والداعي محال.
الفائدة الثانية : أن صيغة الأمر لا لمعنى الطلب في كتاب الله كثيرة ثم نقل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال هذه الصيغة تهديد ووعيد وليست بتخيير.
الفائدة الثالثة : أنها تدل على أنه تعالى لا ينتفع بإيمان المؤمنين ولا يستضر بكفر الكافرين، بل نفع الإيمان يعود عليهم، وضرر الكفر يعود عليهم، كما قال تعالى :﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ [ الإسراء : ٧ ]، واعلم أنه تعالى لما وصف الكفر والإيمان والباطل والحق أتبعه بذكر الوعيد على الكفر والأعمال الباطلة، وبذكر الوعد على الإيمان والعمل الصالح.
أما الوعيد فقوله تعالى :﴿إِنَّا اعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾ يقول اعتدنا لمن ظلم نفسه ووضع العبادة في غير موضعها والأنفة في غير محلها فعندما استحسن بهواه وأنف عن قبول الحق لأجل أن الذين قبلوه فقراء ومساكين، فهذا كله ظلم ووضع للشيء في غير موضعه.
فأخبر تعالى أنه أعد لهؤلاء الأقوام ناراً وهي الجحيم، ثم وصف تعالى تلك النار بصفتين : الصفة الأولى : قوله :﴿وَأَحَاطَ * بِهِمْ سُرَادِقُهَا﴾ والسرادق هو الحجزة التي تكون حول الفسطاط فأثبت للنار شيئاً شبيهاً بذلك يحيط بهم من جميع الجهات، والمراد أنه لا مخلص لهم منها ولا فرجة يتفرجون بالنظر إلى ما وراءها من غير النار بل هي محيطة بهم من كل الجوانب.
وقال بعضهم : المراد من هذا السرادق الدخان الذي وصفه الله في قوله :﴿انطلقوا إلى ظِلّ ذِى ثلاث شُعَبٍ﴾ [ المرسلات : ٣٠ ] وقالوا : هذه الإحاطة بهم إنما تكون قبل دخولهم النار فيغشاهم هذا الدخان ويحيط بهم كالسرادق حول الفسطاط.


الصفحة التالية
Icon