وقال ابن الجوزى :
قوله تعالى :﴿ واضرب لهم مَثَل الحياة الدنيا ﴾
أي : في سرعة نفادها وذهابها، وقيل : في تصرُّف أحوالها، إِذ مع كلِّ فرحة تَرْحة، وهذا مفسر في سورة [ يونس : ٢٤ ] إِلى قوله :﴿ فأصبح هشيماً ﴾.
قال الفراء : الهشيم : كل شيء كان رطباً فيبس.
وقال الزجاج : الهشيم : النبات الجافّ.
وقال ابن قتيبة : الهشيم من النبت : المتفتِّت، وأصله من هشمتُ الشيء : إِذا كسرتَه، ومنه سمِّي الرجل هاشماً.
و﴿ تذروه الرياح ﴾ تنسفه.
وقرأ أُبيّ، وابن عباس، وابن أبي عبلة :"تُذْرِيْهِ" برفع التاء وكسر الراء بعدها ياء ساكنة وهاء مكسورة.
وقرأ ابن مسعود كذلك، إِلا أنه فتح التاء.
والمقْتَدِر : مُفْتَعِل، من قَدَرْتُ.
قال المفسرون ﴿ وكان الله على كل شيء ﴾ من الإِنشاء والإِفناء ﴿ مقتدراً ﴾.
قوله تعالى :﴿ المالُ والبنونَ زينة الحياة الدنيا ﴾
هذا ردٌّ على المشركين الذين كانوا يفتخرون بالأموال والأولاد، فأخبر الله تعالى أن ذلك مما يُتزيَّن به في الدنيا، [ لا ] مما ينفع في الآخرة.
قوله تعالى :﴿ والباقيات الصالحات ﴾ فيها خمسة أقوال.
أحدها : أنها "سبحان الله، والحمد لله، ولا إِله إِلا الله، والله أكبر" ؛ روى أبو هريرة عن رسول الله ﷺ أنه قال :" إِن عجزتم عن الليل أن تكابدوه، وعن العدوِّ أن تجاهدوه، فلا تعجِزوا عن قول :"سبحان الله، والحمد لله، ولا إِله إِلا الله، والله أكبر، فقولوها، فإنَّهن الباقيات الصالحات" "، وهذا قول ابن عباس في رواية عطاء، وبه قال مجاهد، وعطاء، وعكرمة، والضحاك.
وسئل عثمان بن عفان رضي الله عنه عن الباقيات الصالحات، فقال هذه الكلمات، وزاد فيها :"ولا حول ولا قوَّة إِلا بالله".
وقال سعيد بن المسيب، ومحمد بن كعب القرظي مثله سواء.