وقوله ﴿ بارزة ﴾ إما أن يريد أن الأرض، لذهاب الجبال والظراب والشجر، برزت وانكشفت، وإما أن يريد : بروز أهلها، والمحشورين من سكان بطنها ﴿ وحشرناهم ﴾ أي أقمناهم من قبورهم، وجعلناهم لعرضة القيامة، وقرأ الجمهور " نغادر " بنون العظمة، وقرأ قتادة :" تغادر " على الإسناد إلى القدرة أو إلى الأرض، وروى أبان بن يزيد عن عاصم :" يغادَر " بياء وفتح الدال " أحدُ " بالرفع، وقرأ الضحاك " فلم نُغْدِر " بنون مضمومة وكسر الدال وسكون الغين، والمغادرة : الترك، ومنه غدير الماء، وهو ما تركه السيل، وقوله ﴿ صفاً ﴾ إفراد نزل منزلة الجمع، أي صفوفاً، وفي الحديث الصحيح يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد صفوفاً يسمعهم الداعي وينفدهم البصر، الحديث بطوله، وفي حديث آخر " أهل الجنة يوم القيامة مائة وعشرون صفاً، أنتم منها ثمانون صفاً "، وقوله تعالى :﴿ لقد جئتمونا ﴾ إلى آخر الآية مقاولة للكفار المنكرين للبعث، ومضمنها التقريع والتوبيخ، والمؤمنون المعتقدون في الدنيا أنهم يبعثون يوم القيامة، لا تكون لهم هذه المخاطبة بوجه وفي الكلام حذف ويقتضيه القول ويحسنه الإيجاز تقديره : يقال للكفرة منهم، ﴿ كما خلقناكم أول مرة ﴾ يفسره قول النبي ﷺ إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلاً ﴿ كما بدأنا أول خلق نعيده ﴾ [ الأنبياء : ١٠٤ ].
﴿ وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ ﴾