وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ ما أشهدتهم خلق السموات والأرض ﴾
فيه وجهان :
أحدهما : ما أشهدت إبليس وذريته.
الثاني : ما أشهدت جميع الخلق خلق السموات والأرض.
وفيه وجهان :
أحدهما : ما أشهدتهم إياها استعانة بهم في خلقها.
الثاني : ما أشهدتهم خلقها فيعلموا من قدرتي ما لا يكفرون معه.
ويحتمل ثالثاً : ما أشهدتهم خلقها فيحيطون علماً بغيبها لاختصاص الله بعلم الغيب دونه خلقه.
﴿ ولا خلق أنفسهم ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ما استعنت ببعضهم على خلق بعض.
الثاني : ما أشهدت بعضهم خلق بعض.
ويحتمل ثالثاً : ما أعلمتم خلق أنفسهم فكيف يعلمون خلق غيرهم.
﴿ وما كنت متخذ المضلين عضدا ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : يعني أولياء.
الثاني : أعواناً، ووجدته منقولاً عن الكلبي.
وفيما أراد أنه لم يتخذهم فيه أعواناً وجهان :
أحدهما : أعواناً في خلق السموات والأرض.
الثاني : أعواناً لعبدة الأوثان، قاله الكلبي.
وفي هؤلاء المضلين قولان :
أحدهما : إبليس وذريته.
الثاني : كل مضل من الخلائق كلهم.
قال بعض السلف : إذا كان ذنب المرء من قبل الشهوة فارْجُه، وإذا كان من قبل الكبر فلا ترْجه، لأن إبليس كان ذنبه من قبل الكبر فلم تقبل توبته، وكان ذنب آدم من قبل الشهوة فتاب الله عليه. وقد أشار بعض الشعراء إلى هذا المعنى فقال :
إذا ما الفتى طاح في غيّه... فَرَجِّ الفتى للتُّقى رَجّه
فقد يغلط الركب نهج الط... ريق ثم يعود إلى نهجه
قوله عز وجل :﴿... وجعلنا بينهم موبقاً ﴾
فيه ستة أقاويل :
أحدها : مجلساً، قاله الربيع.
الثاني : مهلكاً، قاله ابن عباس وقتادة والضحاك، قال الشاعر :
استغفر الله أعمالي التي سلفت... من عثرةٍ إن تؤاخذني بها أبق
أي أهلك، ومثله قول زهير :
ومن يشتري حسن الثناء بماله... يصن عرضَه من كل شنعاء موبق
قال الفراء : جعل تواصلهم في الدنيا مهلكاً في الآخرة.
الثالث : موعداً، قاله أبو عبيدة.
الرابع : عداوة، قاله الحسن.


الصفحة التالية
Icon