وهو مأخوذ من الانصراف من شيء إلى شيء، وقوله تعالى :﴿ ولقد صرفنا ﴾ الآية، المعنى : ولقد خوفنا ورجينا وبالغنا في البيان، وهذا كله بتمثيل وتقريب للأذهان، وقوله :﴿ من كل مثل ﴾ أي من كل مثال له نفع في الغرض المقصود بهم، وهو الهداية، وقوله ﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ خبر مقتضب في ضمنه، فلم ينفع فيهم تصريف الأمثال، بل هم منحرفون يجادلون بالباطل وقوله ﴿ الإنسان ﴾ يريد الجنس، وروي أن سبب هذه الآية هو النضر بن الحارث، وقيل ابن الزبعرى. وروي أن رسول الله ﷺ دخل على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد نام عن صلاة الليل، فأيقظه، فقال له علي إنما نفسي بيد الله، ونحو هذا، فخرج رسول الله ﷺ وهو يضرب خده بيده ويقول :﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ فقد استعمل الآية على العموم في جميع الناس، و" الجدل " الخصام والمدافعة بالقول، فالإنسان أكثر جدلاً من كل ما يجادل من ملائكة وجن وغير ذلك إن فرض وفي قوله ﴿ وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً ﴾ تعليم تفجع ما على الناس، ويبين فيما بعد.
﴿ وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ قُبُلًا (٥٥) ﴾