وتقدم تفسير نظير قوله ﴿ إنّا جعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقراً ﴾ ثم أخبر تعالى أن هؤلاء لا يهتدون أبداً وهذا من العام والمراد به الخصوص، وهو من طبع الله على قلبه وقضى عليه بالموافاة على الكفر إذ قد اهتدى كثير من الكفرة وآمنوا، ويحتمل أن يكون ذلك حكماً على الجميع أي ﴿ وإن تدعهم ﴾ أي ﴿ إلى الهدى ﴾ جميعاً ﴿ فلن يهتدوا ﴾ جميعاً ﴿ أبداً ﴾ وحمل أولاً على لفظ من فأفرد ثم على المعنى في قوله ﴿ إنّا جعلنا على قلوبهم ﴾ فجمع وجعلوا دعوة الرسول إلى الهدى وهي التي تكون سبباً لوجود الاهتداء، سبباً لانتفاء هدايتهم، وهذا الشرط كأنه جواب للرسول عن تقدير قوله مالي لا أدعوهم إلى الهدى حرصاً منه عليه الصلاة والسلام على حصول إيمانهم، فقيل :﴿ وإن تدعهم ﴾ وتقييده بالأبدية مبالغة في انتفاء هدايتهم.
و﴿ الغفور ﴾ صفة مبالغة و﴿ ذو الرحمة ﴾ أي الموصوف بالرحمة، ثم ذكر دليل رحمته وهو كونه تعالى ﴿ لا يؤاخذهم ﴾ عاجلاً بل يمهلهم مع إفراطهم في الكفر وعداوة الرسول ( ﷺ )، والموعد أجل الموت، أو عذاب الآخرة، أو يوم بدر، أو يوم أحد، وأيام النصر أو العذاب إما في الدنيا وإما في الآخرة أقوال.
والموئل قال مجاهد : المحرز.
وقال الضحاك : المخلص والضمير في ﴿ من دونه ﴾ عائد على الموعد.
وقرأ الزهري موّلاً بتشديد الواو من غير همز ولا ياء.
وقرأ أبو جعفر عن الحلواني عنه مولاً بكسر الواو خفيفة من غير همز ولا ياء.
وقرأ الجمهور بسكون الواو وهمزة بعدها مكسورة، وأشارة تعالى بقوله ﴿ وتلك القرى ﴾ إلى القرى المجاورة أهل مكة والعرب كقرى ثمود وقوم لوط وغيرهم، ليعتبروا بما جرى عليهم وليحذروا ما يحل بهم كما حل بتلك القرى.


الصفحة التالية
Icon