وقال أبو السعود :
﴿ وَرَأَى المجرمون النار ﴾
وُضع المظهرُ مقام المُضمر تصريحاً بإجرامهم وذماً لهم بذلك ﴿ فَظَنُّواْ ﴾ أي فأيقنوا ﴿ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا ﴾ مخالطوها واقعون فيها أو ظنوا إذ رأوها من مكان بعيد أنهم مواقعوها الساعةَ ﴿ وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ انصرافاً أو معدِلاً ينصرفون إليه.
﴿ وَلَقَدْ صَرَّفْنَا ﴾ أي كررنا وأوردنا على وجوه كثيرةٍ من النظم ﴿ فِى هذا القرءان لِلنَّاسِ ﴾ لمصلحتهم ومنفعتِهم ﴿ مِن كُلّ مَثَلٍ ﴾ من جملته ما مر مِن مَثَل الرجلين ومثَل الحياةِ الدنيا أو من كل نوعٍ من أنواع المعاني البديعةِ الداعيةِ إلى الإيمان التي هي في الغرابة والحسنِ واستجلاب النفس كالمثل ليتلقَّوْه بالقَبول فلم يفعلوا ﴿ وَكَانَ الإنسان ﴾ بحسب جِبلَّته ﴿ أَكْثَرَ شَىء جَدَلاً ﴾ أي أكثرَ الأشياءِ التي يتأتى منها الجدلُ وهو هاهنا شدةُ الخُصومةِ بالباطل والمماراةِ، من الجدْل الذي هو الفتْلُ، والمجادلةُ الملاواةُ لأن كلاًّ من المجادِلَين يلتوي على صاحبه، وانتصابُه على التمييز والمعنى أن جدَله أكثرُ من جدَل كلِّ مجادل.


الصفحة التالية
Icon