والمواقعة : المخالطة بالوقوع فيها، وقيل : إن الكفار يرون النار من مكان بعيد فيظنون ذلك ظناً ﴿ وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفًا ﴾ أي : معدلاً يعدلون إليه، أو انصرافاً، لأن النار قد أحاطت بهم من كل جانب.
قال الواحدي : المصرف : الموضع الذي ينصرف إليه.
وقال القتيبي : أي معدلاً ينصرفون إليه، وقيل : ملجأً يلجأون إليه.
والمعنى متقارب في الجميع.
وقد أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :﴿ وَتَرَى الأرض بَارِزَةً ﴾ قال : ليس عليها بناء ولا شجر.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن مجاهد نحوه.
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله :﴿ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً ﴾ قال : الصغيرة التبسم، والكبيرة : الضحك.
وزاد ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عنه قال : الصغيرة : التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين، والكبيرة : القهقهة بذلك.
وأقول : صغيرة وكبيرة نكرتان في سياق النفي، فيدخل تحت ذلك كل ذنب يتصف بصغر، وكل ذنب يتصف بالكبر، فلا يبقى من الذنوب شيء إلا أحصاه الله وما كان من الذنوب ملتبساً بين كونه صغيراً أو كبيراً، فذلك إنما هو بالنسبة إلى العباد لا بالنسبة إلى الله سبحانه.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة يقال لهم : الجنّ، فكان إبليس منهم، وكان يوسوس ما بين السماء والأرض، فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطاناً رجيماً.
وأخرج ابن جرير عنه في قوله :﴿ كَانَ مِنَ الجن ﴾ قال : كان خازن الجنان، فسمي بالجانّ.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه أيضاً قال : إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم قبيلة، وكان خازناً على الجنان.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم عن الحسن قال : قاتل الله أقواماً زعموا أن إبليس كان من الملائكة، طرفة عين، إنه لأصل الجنّ كما أن آدم أصل الإنس.


الصفحة التالية
Icon