والقول الثالث : روى عمرو بن عبيد عن الحسن في قوله :﴿وَإِذْ قَالَ موسى لفتاه لا أَبْرَحُ﴾ قال يعني عبده، قال القفال واللغة تحتمل ذلك روى عن النبي ﷺ أنه قال :" لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي، وليقل فتاي وفتاتي " وهذا يدل على أنهم كانوا يسمون العبد فتى والأمة فتاة.
المسألة الرابعة :
قيل إن موسى عليه السلام لما أعطي الألواح وكلمه الله تعالى قال : من الذي أفضل مني واعلم ؟ فقيل عبد لله يسكن جزائر البحر وهو الخضر، وفي رواية أخرى أن موسى عليه السلام لما أوتي من العلم ما أوتي ظن أنه لا أحد مثله فأتاه جبريل عليه السلام وهو بساحل البحر قال : يا موسى انظر إلى هذا الطير الصغير يهوي إلى البحر يضرب بمنقاره فيه ثم يرتفع فأنت فيما أوتيت من العلم دون قدر ما يحمل هذا الطير بمنقاره من البحر، قال الأصوليون : هذه الرواية ضعيفة لأن الأنبياء يجب أن يعلموا أن معلومات الله لا نهاية لها وأن يعلموا أن معلومات الخلق يجب كونها متناهية وكل قدر متناه فإن الزائد عليه ممكن فلا مرتبة من مراتب العلم إلا وفوقها مرتبة ولهذا قال تعالى :﴿وَفَوْقَ كُلّ ذِى عِلْمٍ عَلِيمٌ﴾ وإذا كانت هذه المقدمات معلومة فمن المستبعد جداً أن يقطع العاقل بأنه لا أحد أعلم مني (١) لا سيما موسى عليه السلام مع علمه الوافر بحقائق الأشياء وشدة براءته عن الأخلاق الذميمة كالعجب والتيه والصلف.
والرواية الثالثة : قيل إن موسى عليه السلام سأل ربه : أي عبادك أحب إليك ؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني، قال فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى.
قال : فأي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة تدله على هدى أو ترده عن ردي، فقال موسى عليه السلام : إن كان في عبادك من هو أعلم مني فادللني عليه، فقال : اعلم منك الخضر، قال فأين أطلبه ؟ قال : على الساحل عند الصخرة.