قوله تعالى :﴿ فانطلقا حتى إذا لقيا غلاماً فقتله ﴾ يعني انطلق موسى والخضر فاحتمل أن يكون يوشع تأخر عنهما، لأن المذكور انطلاق اثنين وهو الأظهر لاختصاص موسى بالنبوة واجتماعه مع الخضر عن وحي، واحتمل أن يكون معهما ولم يذكر لأنه تابع لموسى، فاقتصر على ذكر المتبوع دون التابع لقول موسى :﴿ ذلك ما كنا نبغي ﴾ فكان ذلك منه إشارة إلى فتاه يوشع.
واختلف في الغلام المقتول هل كان بالغاً، فقال ابن عباس : كان رجلاً شاباً قد قبض على لحيته لأن غير البالغ لا يجري عليه القلم بما يستحق به القتل، وقد يسمى الرجل غلاماً، قالت ليلى الأخيلية في الحجّاج :
شفاها من الداء العُضال الذي بها... غُلامٌ إذا هزَّ القَناةَ سقاها
وقال الأكثرون : كان صغيراً غير بالغ وكان يلعب مع الصبيان، حتى مر به الخضر فقتله.
وفي سبب قتله قولان :
أحدهما : لأنه طبع على الكفر.
الثاني : لأنه أصلح بقتله حال أبويه. وفي صفة قتله قولان :
أحدهما : أنه أخذه من بين الصبيان فأضجعه وذبحه بالسكين، قاله سعيد بن جبير.
الثاني : أنه أخذ حجراً فقتل به الغلام، قاله مقاتل فاستعظم موسى ما فعله الخضر من قتل الغلام من غير سبب.
ف ﴿ قال أقتلت نَفْساً زَكيةً بغير نفْسٍ ﴾ فاختلف هل قاله استخباراً أو إنكاراً على قولين :
أحدهما : أنه قال ذلك استخباراً عنه لعلمه بأنه لا يتعدى في حقوق الله تعالى.
الثاني : أنه قاله إنكاراً عليه لأنه قال ﴿ لقد جئت شيئاً نُكراً ﴾
قرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير ﴿ زاكية ﴾ وقرأ حمزة وابن عامر وعاصم والكسائي زكيّة بغير ألف.
واختلف في زاكية - وزكية على قولين : أحدهما : وهو قول الأكثرين أن معناهما واحد، فعلى هذا اختلف في تأويل ذلك على ستة أوجه :
أحدها : أن الزاكية التائبة، قاله قتادة.
الثاني : أنها الطاهرة، حكاه ابن عيسى.
الثالث : أنها النامية الزائدة، قاله كثير من المفسرين، قال نابغة بني ذبيان :


الصفحة التالية
Icon